شعب؛ لذلک فقد ازداد القمع والاضطهاد وطأةً في الوطن، حتى إن الشباب عندما أقدموا على الکفاح المسلح جرى قمع تلک الحرکات المسلحة بشدّة، وتفاقمت هيمنة النظام البهلوي، فاستحوذ اليأس على القلوب شيئاً فشيئاً؛ والشعب هو القوة التي کان بمقدورها الوقوف بوجه النظام البهلوي بالمعنى الحقيقي للکلمة؛ أي کان على الشعب بأسره النزول إلى الساحة کي يفلح في دحر النظام البهلوي الفاسد العميل الدکتاتوري والجائر ومن خلفه أمريکا؛ ولم يکن ثمة محفل أو مرکز في إيران له القدرة على تعبئة الشعب سوى علماء الدين وحاملي رايته عبر رفعهم لشعار الدين، وهذه تجربة طويلة شهدها بلدنا، يجب التمعن بها بعين الدقة.
فعلى صعيد الحرکة الدستورية، لولا العلماء لما قامت هذه الحرکة ولا قدّر لها بلوغ النصر؛ وحينما أقصى المتغربون وصنائع الإنجليز في إيران علماء الدين والشعارات الدينية عادت هيمنة الاستبداد والتسلط والنفوذ الأجنبي. وکذا الحال في حرکة تأميم النفط، إذ کان للشعب حضوره في الساحة مادام علماء الدين وسط الميدان ـ حيث کان المرحوم آية الله الکاشاني من أبرز محاور الکفاح ـ ولکن حينما سحبت يد عالم خبير وواعٍ وشجاع نظير المرحوم الکاشاني، بسبب سوء التصرف وشذوذ الطبائع وحبّ التفرّد، انسحبت الجماهير أيضاً وبقي قادة الحرکة الوطنية لوحدهم، فصنع العدو معهم ما يحلو له.
طالما نزل الشعب في إيران إلى الساحة بنداءٍ من الدين، ففي ظلاله وجد العدالة، وحيثما کان العلماء الطليعة في أي تطورٍ لم يتخلَّ عنهم الشعب وذلک لثقته بهم؛ ولذا فحينما اقتحم إمامنا العظيم الميدانَ کمرجعٍ وعالم دين، وإنسانٍ مجرَّب، طاهر صادق راسخ العزيمة، وتبعه العلماء في اقتحام الميدان، نزلَ الشعب بأسره إلى الساحة ولم يعد بمقدور العدو المقاومة.. يومذاک نجح الحضور الجماهيري في استئصال جذور الاستبداد من الوطن.
أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن الاستبداد في بلادنا کان على الدوام معتمداً على مساندة القوى السلطوية الأجنبية؛ فاستبداد الحکم البهلوي ودکتاتوريته وطغيانه، ومن قبله الحکم القاجاري بأسلوب آخر، إنّما قام بسبب اعتماده على القوى الأجنبية؛ فرضا خان کان معتمداً على الإنجليز، ومحمد رضا کان في البداية معتمداً على الانجليز ومن ثم اعتمد على أمريکا، فکان يضمن للأمريکان مصالحهم ونفوذهم، وهم يقومون أيضاً بحمايته، وکانوا يفعلون بهذا البلد ما يشاؤون، فأخضعوا الشعب لوطأة الاضطهاد خمسين عاماً؛ وأوقفوا عجلة تطوره العلمي والصناعي والثقافي والأخلاقي في مرحلة کانت المثلى من بين المراحل وأکثرها نضجاً لبلوغ هذا التطور على الصعيد الدولي، وأبقوا على هذا الشعب وهذا البلد متخلفاً، وکان جلّ همّهم في حياة الدعة والرفاهية وجمع الثروات وتقديم الخدمة لأسيادهم الأجانب، وهؤلاء إنّما استتبّ لهم الأمر بشکل تام في إيران عبر اعتمادهم على القوى الأجنبية، ولم يکن شأن أيّ کان اجتثاثهم وتحطيم هذا البناء الأعوج الضار المليء باللعنة والبغضاء والشؤم؛ فأطلّ الإمام العظيم حاملاً راية الهدى الإسلامية.. ولذا فإن مبادئ الإمام هي مبادئ الإسلام، وعدالته عدالة الإسلامية، وحاکمية الشعب التي جاء بها هي حاکمية الشعب الإسلامية.
من أنکى الاجحاف بحق إمامنا العظيم ونظامنا الإسلامي هو اتهام وسائل الدعاية الاجنبية للإمام والنظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية بالاستبداد والبعد عن حاکمية الشعب.. فإنه لمّا انتصرت هذه الثورة بما هي عليه من عظمة وقوة في إيران، أجري أول استفتاء شعبي على يدي الإمام مما لا سابقة له في أي ثورة؛ فانظروا أن أي انقلاب أو أدنى تغيير يحدث في أي بلد يؤدي إلى تأخير الانتخابات سنتين أو ثلاث.. وفي بلدنا لم تکن للجماهير معرفة بصناديق الاقتراع، إذ کانت الانتخابات التي جرت في عهد النظام الطاغوتي صورية وکاذبة، فلم تتوجه الجماهير نحو صناديق الاقتراع کي تدلي بصوتها بالمعنى الحقيقي للکلمة، وکل من أرادوا إدخاله للمجلس العميل جاؤوا به من خارج صناديق التصويت.. فيما دفع الإمام بالجماهير نحو صناديق الاقتراع بعد شهرين من انتصار الثورة ف
ملف المرفقات: