روح اللّه بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني، أحد علماء الإمامية، ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، ولد في العشرين من جمادى الثانية سنة 1320هـ في مدينة خمين بإيران، وفقد أباه وهو في الشهر السادس من عمره، فنشأ يتيماً تحت رعاية والدته وعمته اللتين اهتمتا به اهتماماً شديداً.
بدأ بتلقي الدروس وهو في سنّ مبکر، فأکمل دراسة الفارسية وعلومها قبل إتمامه السنة الخامسة عشرة من عمره. ثُمَّ شرع بدراسة العلوم الإسلامية على يد أخيه الأکبر السيِّد مرتضى سنديده، فدرس الصرف والنحو وبقية العلوم المقررة في مرحلة المقدّمات، حتّى أتمها.
انتقل بعد ذلک إلى مدينة آراک حيث مرکز الحوزة العلمية في إيران آنذاک، وتابع تحصيله العلمي فيها، حتّى صار من أعلامها البارزين، ثُمَّ انتقل بعد ذلک إلى مدينة قم المقدسة مع أستاذه الشيخ عبد الکريـم الحائري، مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، وأقام فيها.
بدأ بانتقاد سياسات الشاه محمَّد رضا بهلوي، وتوجهاته أثناء دروسه ومحاضراته التي کان يلقيها في مدينة قم، واتخذت هذه الانتقادات طابع العلن والتصريح سنة 1944م، والتي تنادي بإقامة الحکومة الإسلامية على أساس الشريعة الإسلامية.
واستمر هذا الحال بينه وبين السلطة التي بذلت الکثير من المحاولات لتحجيمه والحدّ من نشاطه حتّى سنة 1963م حيثُ ألقى خطاباً عاصفاً هاجم فيه الشاه وأميرکا وإسرائيل. أدّى إلى انتفاضة الشعب الإيراني ضدَّ الشاه، فاعتقلته الحکومة لمدّة ثمانية أشهر، ثُمَّ أفرجت عنه بعد ضغطٍ جماهيري عارم عمَّ کلّ أنحاء إيران.
أفتى فور الإفراج عنه بحرمة استخدام التقية في ذلک الوقت، وطلب من العلماء عدم اتخاذ أسلوب المهادنة مع الحکومة، اعتقل مجدداً في 14/11/1964م، وتقرر نفيه إلى ترکيا، فنفي إليها، وبقي فيها نحو السنة، ثُمَّ انتقل إلى النجف الأشرف بالعراق، وبقي هناک حوالي ثلاث عشرة سنة، عمل خلالها على مواصلة قيادة الثورة داخل إيران، إلى جانب إلقاء الدروس والمحاضرات.
ضغطت حکومة الشاه على الحکومة العراقية لإيقاف نشاطه، فرفض ذلک، فطلبت منه مغادرة الأراضي العراقية، فغادر العراق بتاريخ 3/10/1978م متوجهاً إلى الکويت، لکنَّ الحکومة الکويتية منعته من دخول أراضيها، فقرر التوجه إلى فرنسا، فسافر إليها، وأقام في ضاحية «نوفل لو شاتو» في باريس، وواصل من هناک قيادة الثورة في بلاده.
کانت الثورة قد قطعت في هذا الوقت مراحل کثيرة، ووصلت إلى الحدّ الذي اضطر الشاه معه إلى مغادرة إيران، وترک الأمور بيد رئيس وزرائه شاهبور بختيار، الذي حاول تهدئة الأوضاع المتفجرة، لکنَّه لـم يستطع أن يفعل أي شيء بوجه الثورة التي کانت قد اقتربت من الانتصار.
قرر ترک منفاه في فرنسا، والعودة إلى بلاده إيران، ليتولى قيادة الثورة من الداخل، ومشارکة الشعب في جهاده، فاستقل طائرة لتنقله إلى طهران، فوصلها في اليوم الأول من شهر شباط سنة 1979م، واستقبل استقبالاً حاشداً.
توجه بعد وصوله إلى طهران إلى مقبرة الشهداء فيها، حيثُ ألقى خطابه التاريخي الذي أعلن فيه انتهاء حکومة الشاه، وقيام الحکومة الإسلامية، واکتملت مراحل الانتصار في 11 شباط 1979م بالسقوط الکامل لحکومة شاهبور بختيار، ليشاد صرح الجمهورية الإسلامية.
انتقل بعد ذلک إلى مدينة قم المقدسة، ثُمَّ عاد إلى طهران ليستقر في حسينية جماران، ويواصل قيادة الجمهورية الإسلامية، التي استطاع بصبره وشجاعته وحنکته أن يسير بها إلى بر الأمان، رغم الصعاب الکثيرة التي وضعها الأعداء في طريقه.
توفي في أحد مستشفيات طهران، في الثامن من حزيران سنة 1989م، بعد حياةٍ مليئة بالجهاد والتضحيات، وشيع تشييعاً قلّ نظيره في التاريخ، ودفن في مقبرة بهشت زهراء في طهران، إلى جانب قبور شهداء الثورة الإسلامية ويقصد قبره النَّاس من کلّ مکان.
له مؤلفات عديدة، منها: مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، وشرح دعاء السحر لشهر رمضان، والأربعون حديثاً، وأسرار الصلاة أو معراج السالکين، وکشف الأسرار، وآداب الصلاة، والرسائل، وکتاب البيع، وکتاب المکاسب المحرّمة، وکتاب الطهارة، وتهذيب الأصول، وجهاد النفس، والجهاد الأکبر، والحکومة الإسلامية, وحاشية على الأسفار وغير ذلک.
قال سماحة السيد الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في إيران: "نهج الإمام الخميني هو نهج الأنبياء الذي قام على أساس الصبر والمقاومة والاستعانة باللّه سبحانه وتعالى للتغلب على المصاعب والضغوط".
قال محمَّد حسنين هيکل الصحفي المصري المعروف: "الخميني رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي، لتستقر في قلب القرن العشرين".
قال سليمان کتاني الکاتب اللبناني المعروف: "قطب عظيم، لـم ينبض مشرقنا الأوسطي بمثيل له منذ عهد طويل".
ملف المرفقات: