التقی سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی قائد الثورة الإسلامیة عصر یوم الأربعاء 15/08/2012 م المئات من أسری الحرب المفروضة الأحرار، و أبدی فی هذا اللقاء تعاطفه مجدداً مع المتضررین بالزلزال الأخیر الذی ضرب أجزاء من محافظة آذربیجان الشرقیة، و اعتبر قضیة القدس القضیة الأساسیة فی العالم الإسلامی مؤکداً: بفضل من الله سوف یوجّه الشعب الإیرانی المسلم هذا العام أیضاً، فی یوم القدس، صفعة لوجه أعداء الإسلام و فلسطین.
و عدّ سماحته اغتصاب أرض فلسطین الإسلامیة و إسکان الصهاینة فیها أساس الهندسة المعیبة للشرق الأوسط و جذر مشکلات العقود الأخیرة للشعوب فی المنطقة منبّهاً: لو لم تکن هذه المؤامرة لما کانت أیضاً اختلافات و تدخلات المهیمنین و العتاة.
و أضاف قائد الثورة الإسلامیة: الصهاینة و حماتهم یحاولون بشدة أن تُنسی قضیة فلسطین فی الرأی العام للشعوب، و علی العالم الإسلامی أن یقف بوجه هذه الخدعة و المؤامرة.
و أشار سماحته إلی الاهتمام الخاص و التأکید الذی أبداه الإمام الخمینی تجاه قضیة فلسطین منذ بدایة تشکیل النهضة الإسلامیة مضیفاً: خلق انتصار الثورة الإسلامیة عقبة تاریخیة أمام مساعی المهیمنین الرامیة لنسیان اغتصاب فلسطین.
و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی بعض المساعی الرامیة لنسیان القضیة الفلسطینیة مضیفاً: فی هذا الإطار یثیرون نقاشات الشیعة و السنة و الهلال الشیعی، و الحال أن الشعب الفلسطینی یعانی الضغوط منذ ستین عاماً أمام أنظار هؤلاء الأفراد، و لا یرتفع لهم صوت.
و سأل سماحته: ألیس من الخیانة ذکر اسم الجمهوریة الإسلامیة باعتبارها خطراً علی العالم الإسلامی، و هی التی أحیت قضیة فلسطین و أعادت تکوینها.
و أضاف قائد الثورة الإسلامیة مؤکداً علی صمود الشعب الإیرانی مقابل مؤامرة نسیان فلسطین و القدس الشریف: قضیة القدس لیست بالنسبة لنا قضیة تکتیکیة، إنما تنبع من المعتقدات الإسلامیة العمیقة، و إننا نعتبر إنقاذ هذا البلد الإسلامی من هیمنة و مخالب الغاصبین الصهاینة و حماتهم الدولیین واجباً دینیاً، و علی باقی الشعوب و الحکومات الإسلامیة أیضاً أن تنظر لقضیة فلسطین من هذه الزاویة.
و أکد قائد الثورة الإسلامیة: کما تألق کوکب صباح الأمل مرة بانتصار الثورة الإسلامیة، و مرة بملحمة الدفاع المقدس، و مرة بعودة الأسری الأحرار، سوف یتألق بعون الله شفق الأمل فی القضیة الفلسطینیة أیضاً، و ستعود هذه الأرض الإسلامیة یقیناً لشعب فلسطین، و ستمحی الزائدة الصهیونیة الکاذبة المختلقة من صفحات الجغرافیا.
و شدّد الإمام الخامنئی فی جانب آخر من حدیثه علی أن الزلزال الأخیر الذی ضرب أجزاء من محافظة آذربیجان الشرقیة، حیث قضی عدد من المواطنین الأعزاء فی هذا الزلزال نحبهم، حدث مریر و محزن و مؤلم لکل شعب إیران، و أوصی المسؤولین و الشعب توصیة أکیدة بمدّ ید العون لأبناء الوطن الأعزاء المتضرّرین بهذا الحادث و التقلیل من الآلامهم.
و سأل سماحته الله تعالی أن یمنّ علی المنکوبین بهذا الحدث بالصبر و یبعث فی قلوبهم الطمأنینة.
و قال قائد الثورة الإسلامیة فی لقائه بأسری الحرب المفروضة الأحرار بأنهم أعزاء الشعب و جواهر استعیدت من کنوز الإیمان مردفاً: فترة الأسر الملیئة بالآلام جعلت من أسرانا الأحرار ماسات متألقة براقة.
و أشار سماحته إلی حاجة المجتمع الدائمیة للوعی و استلهام العبر من قصة الصمود الجمیل للأسری الأحرار، منتقداً قلة العمل و الإنتاج فی مجال إعادة قراءة و نشر حقائق فترة أسر هؤلاء الأعزاء علی شکل أعمال کتابیة و فنیة.
و أضاف قائد الثورة الإسلامیة: یجب کتابة أضعاف ما کتب و صدر من کتب حول مذکرات و حقائق فترة الأسر، و علی الفنانین و مسؤولی وسائل الإعلام أن ینتجوا الأفلام و البرامج بمستویات راقیة حول هذه الفترة التاریخیة.
و عدّ سماحته الأسری الأحرار أرصدة الإسلام و الجمهوریة الإسلامیة و الشعب الإیرانی، و أشار إلی عودتهم المنتصرة کتحقق لوعد من الوعود الإلهیة مردفاً: الیوم إذ یواجه الشعب الإیرانی المهیمنین و الجشعین فی العالم، ثمة حاجة ماسة للاعتبار من هذه السنة الإلهیة و التدبّر فیها.
و أضاف سماحته قائلاً: یوم کان أبناء الشعب أسری فی المعسکرات و أماکن التعذیب، لم تکن هناک من نافذة أمل أمامهم حسب الظاهر، و لکن بسبب الالتزام و العمل بما قاله الخالق، تحققت بشأنهم السنة الإلهیة الصادقة و عادوا للوطن منتصرین مرفوعی الرؤوس، و ألقی أعداؤهم فی مزابل التاریخ.
و استطرد: الیوم أیضاً یواجه الشعب الإیرانی تحدیات مع أمریکا، و إذا عمل بما یقوله الله تعالی کما عمل الأسری الأحرار الأعزاء، فسیکون النصر من نصیبه دون أی شک علی أساس الوعود الإلهیة الصادقة.
و ألمح آیة الله العظمی الخامنئی إلی الأوضاع الآخذة فی التغییر فی العالم مردفاً: حسب القوانین الإلهیة فإن قراراتنا و سلوکنا و ممارساتنا مؤثرة فی تکوین الوضع العالمی الجدید، و فی هذا الخصوص یمکن لاستلهام الدروس من صمود الأسری الأحرار أن یساعد علی تقویة القلوب و عدم الخطأ فی تشخیص الطریق الصحیح.
کما أکد قائد الثورة الإسلامیة علی أن کل لحظة من لحظات الصمود العظیم الذی أبداه الأسری الأحرار فی فترة الأسر مدعاة للأجر الإلهی المضاعف، و ثمّن صبر و صمود عوائلهم العزیزة مردفاً: عزة أی شعب و اقتداره و صدارته فی التاریخ منوطة بجهاد أبنائه، و مقاومة الأعزاء الأحرار المنتصرة جعلت الشعب الإیرانی فی الصدر.
کما حیّی سماحته ذکری سید الأسری الأحرار المرحوم حجة الإسلام و المسلمین علی أکبر أبوترابی، و الشهید تندگویان و سائر الأسری الشهداء.
فی بدایة هذا اللقاء تحدث خمسة من الأسری الأحرار الشامخین فرووا بعض ذکریاتهم عن الصبر العظیم و الاستقامة التاریخیة و الابتکارات و الصمود الواعی للأسری الأحرار خلال أعوام الأسر فی سجون و معسکرات النظام الصدامی البعثی، و هم السادة:
- أسد الله میر محمدی کان أسیراً و مفقوداً لمدة عشرة أعوام.
- الدکتور غلام علی قاسمی، کان أسیراً مدة 90 شهراً و من قادة مقاومة الأسری الأحرار فی معسکرات الموصل 1 و 2 .
- عبد المجید رحمانیان، کان أسیراً لمدة 100 شهر، و هو باحث و کاتب و طالب جامعی فی فرع الحقوق مرحلة الدکتوراه.
- قنبر علی بهارستانی، أصغر مقاتل أسر من قبل الأعداء، و معاق، و شقیق شهیدین، و نجل أحد الأسری الأحرار.
- الدکتور عبد الله کریمی، أسیر حرّ معاق و شقیق شهید، و مؤلف عدة کتب.
و قد أثنی هؤلاء المتحدثون علی مقاومة و تدبیر و وعی المرحوم حجة الإسلام و المسلمین أبوترابی سید الأسری الأحرار، مؤکدین علی المحاور التالیة:
- الاستقامة و الصبر و عدم الثقة بالعدو الرسالة الأصلیة لسنوات الأسر التی قضاها نحو أربعین ألف أسیر حرّ.
- عدم الاکتراث للدنیا و التشوّق للإیثار و الخدمة هو العامل الرئیسی للحفاظ علی انسجام و وحدة الأسری الأحرار خلال فترة الأسر.
- المعنویة و عشق المعبود الواحد و التوکّل علیه السرّ الحقیقی للصمود.
- ضرورة نشر و تعمیق ثقافة الإیثار و المقاومة فی المجالات المختلفة.