الرئيسية
اوقات الصلاة
التحدیثات
الاتصال بنا
فارسی / English
فارسی
English
3/8/2012
زيارة:
1932
رمز المادة:
۹۱۱۷۸۴
القرأن
»
،
اُقصوصة أبي لهب و إمرأته
هذه الاُقصوصة أو الحکاية تتماثل مع سابقتها حکاية أصحاب الفيل من حيث انحراف بطلها و قصرها و من حيث لغتها السردية و عدم اعتمادها عنصر المحاورة ، و لکنها تتميّز عنها بطبيعة شخوصها فبينما کانت اُقصوصة الفيل تعتمد بطلا جماعياً هم أصحاب الفيل ، نجد أنّ اُقصوصة أبي لهب و امرأته تعتمد بطلين فرديين سلبيين هما: أبولهب و امرأته .
و يلاحظ أنّ کلاّ من العناصر المرتبطة بالشخصية ، و بالموقف ، و بالحدث ، و بالبيئة نجده متوفّراً في الحکاية التي نتحدّث عنها .
فالشخصية هما: الزوجان المنحرفان .
و الموقف هو: موقفهما العدائي من النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
و الحدث هو: حمل الحطب و سواه ممّا استخدم لتجسيد الموقف العدواني .
و البيئة هي: الآخرة من حيث المصير الذي يغلّف تينک الشخصيتين ، حيث الخسران ، و حيث النار ، و حيث الحبل من المسد . . . إلى آخره .
و أمّا الأفکار المطروحة فيها فتمثّل في أنّ العقاب الالهي يطال المنحرفين دنيوياً و اُخروياً ، حيث خسر أبولهب و امرأته المعرکه فيما انتهت بانتصار النبيّ (صلى الله عليه وآله)و تدمير عدوّه دنيوياً ، کما يطال العقاب مصيرهما الاُخروي المتمثّل في:(
سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَب)
و
﴿
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَد
﴾
الآن إلى الصياغة الجمالية للاُقصوصة .
عنصر السخرية
لعلّ أبرز العناصر القصصية إثارة في الاُقصوصة التي نتحدّث عنها هو عنصر السخرية ، و السخرية کما نعرف ذلک جميعاً في ميدان الخطاب الأدبي في السرديات و سواها يظلّ من أهم المنبّهات أو المحرّکات التي يستجيب لها المتلقّي بما هو ممتع و طريف و مثير بخاصة إذا کان العنصر المذکور يتناول شخصيات معروفة في انحرافاتها ، و في نمط تعاملها مع الأطراف الإيجابية ، کرسالة الإسلام أو شخصية المرسل (صلى الله عليه وآله) ، حيث أنّ صغر و تفاهة الشخصية المنحرفة قبالة ضخامة و عظمة الشخصية النبويّة ، يجعل لعنصر السخرية أهميتها الکبيرة بحيث تتناسب و خطورة الموقف .
و تتمثل السخرية جمالياً و دلالياً في جملة مواقع من الاُقصوصة ، منها: ما يرتبط بالعنصر الإيقاعي الذي يشکّل بدوره واحداً من عناصر السرد الذي اعتمدته الاُقصوصة ، فيما سنتحدّث عنه بعد قليل ، لکننا هنا لا مناص من الإشارة إلى هذا العنصر من حيث صِلته بالسخرية التي استثمرت الجانب الإيقاعي للکلمة المسردة ، متمثّلة في عبارتي: (
أَبِي لَهَب
﴾
و
﴿
ناراً ذاتَ لَهَب
﴾
حيث أنّ اللهب و هو العبارة المشترکة بين کنية بطل الحکاية و بين الجزاء الاُخروي الذي ينتظره و هو نار جهنّم ، حيث استخدمت الاُقصوصة عبارة لهبدون سواها لتتجانس مع کنية الشخصية المنحرفة .
إنّ العبارة الجزائية
﴿
سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَب
﴾
تجسّد و لا شک قمّة الإثارة و الدهشة و الطرافة الفنّية من حيث مجانستها ـ کما قلنا ـ مع کنية الشخصية المنحرفة أبي لهب . و التجانس المذکور لا ينحصر مع عبارة لهب فحسب ، بل إنّ أبي و هو کنية الشخصية في أحد شطريها تتجانس مع لهب جهنّم التي يصلاها ، بصفة أنّ الأب هو أکثر لصوقاً بالشيء ، فالجريمة مثلا هي ظاهرة انحرافية ، و أمّا إذا اُطلق على صاحبها مصطلح أب الجريمة فهذا يعني أ نّه أکثر جريمة من سواها ، بل أي هو صاحب سلسلة کبيرة من الانحرافات ، بحيث يصبح أباً لها .
إذن ، کم هو طريف و ممتع و مدهش حينما نلاحظ هذا التجانس الملفت للنظر بين الکنية و بين نار جهنّم ، مع ملاحظة أنّ النص القرآني الکريم يجانس دواماً بين مصطلح الجزاء السلبي ، أي: جهنّم أو النار و ما يواکبها من المصطلحات المعبّرة عنها مثل سقر ، لظى . . . إلى آخره .
حيث لاحظنا مثلا ، کيف جانس النص القرآني الکريم بين المحور الفکري الذي رسمته سورة «القمر» ، و هو: قيام الساعة و تضمّنها أي الساعة لحرف السين مثلا و إفصاح حرف السين عن کونه أداة لغوية تستخدم للمستقبل ، کما هو طابع عبارة سوف فيما تحدّثت القصة عن بيئة الحياة الاُخرى بالنسبة إلى الجزاء السلبي الذي ينتظر المجرمين ، فانتخبت عبارة سقر لتجانس مع حرف السين المشار إليه .
المهم أنّ مجانسة کنية أبي لهب مع ناراً ذات لهب تظلّ من السخرية الممتعة بالنسبة إلى الشخصية المذکورة .
و هذا فيما يتصل بالسخرية من أبي لهب .
و لکن ماذا بالنسبة إلى امرأته ؟
بالنسبة إلى امرأة أبي لهب و هي الشخصية الثانوية في القصة ، کما يمکننا أن نعتبرها شخصية رئيسة أيضاً بصفتها زوجة مشارکة في الجريمة ، هذه الشخصية رسمتها الاُقصوصة قمـّة في السخرية . لقد جانست الحکاية أيضاً بين سلوکها الخاص و بين نمط الجزاء المترتّب على ذلک ، کما جانست من جهة اُخرى بين طبيعة اهتمامات المرأة و هي الزينة و أحد تجسيداتها و هي القلادة و بين الجزاء المترتّب على سلوکها .
کيف ذلک ؟
کما رسمها من جانب:
﴿
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَد
﴾
ترى ما هي الأسرار الجمالية و الدلالية الکامنة وراء الرسم المذکور ؟ من البيّن أنّ الجيد هو العضو المناسب لمکان القلاّدة .
و الاُقصوصة قد استخدمت عنصر السخرية إلى أبعد مداه حينما استبدلت القلادة و هي عادة من الذهب و نحوه بـ حبل من الليف و هو أرخص الأشياء و أتفهها من حيث ابتذاله ، و جعله من ثمّ ، أي الحبل من الليف قلادة في جيد امرأة أبي لهب ، و هو أمرٌ يتجانس تماماً مع طبيعة اهتمام المرأة بالزينة حيث انتخب لها ما يضاد الزينة تماماً و هو: العذاب الشديد .
هذا بالإضافة إلى أنّ الحبل يتميّز بکونه ـ فضلا عن أ نّه رمز قلادتها ـ أداة أو رمزاً لسحبها من عنقها و إلقائها في نار جهنّم ، فيکون بمثابة الأغلال في أعناق المنحرفين ، حيث ورد هذا الوصف في بعض مواقع النص القرآني الکريم عبر حديثه عن المجرمين و سوقهم إلى جهنّم من العنق .
هذا و ينبغي ألاّ نغفل عن الرسم الآخر المتمثّل في صورة حمـّالة الحطب حيث أنّ هذا الحدث له صلته بسلوکها العدواني . تقول النصوص المفسّرة بأ نّها کانت تضع الشوک و نحوه في طريق النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، و حينئذ يجيء المرأى و هو: حمّـالةالحطب تعبيراً عن واقعية سلوکها من جانب ، و تعبيراً رمزياً من حيث التجانس بين حمل الشوک و حمل الحطب في جهنّم ، حيث أنّ جهنّم تظلّ حطباً ـ وقوداً ـ لها .
هذا إلى أنّ نصوصاً تفسيرية تذهب إلى أنّ الحطب هو رمز لـ النميمة من حيث الدلالة اللغوية ، حيث کانت امرأة أبي لهب تمشي بالنميمة بين الناس .
و المهم أنّ هذه العبارة المتمثلة في الحطب الواقعي ، و حطب جهنّم ، و الحطب اللفظي ، تظلّ من أهم الخطوط الجمالية الممتعة التي تطبع الاُقصوصة .
و إذا ترکنا السخرية بصفتها عنصراً استخدمته الاُقصوصة و اتجهنا إلى الخصائص المتميّزة الاُخرى ، نجد أنّ الصورة بمعناها الفنّي الذي يعني الترکيب من ظاهرتين تنتهي عنهما ظاهرة ثالثة ، کالتشبيه و الاستعارة و الرمز و التمثيل . . .
إلى آخره ، تظلّ من خصائص القصيدة أو الخاطرة الفنّية ، إلاّ أنّ الملاحظ أنّ القصة القصيرة في تجاربها البشرية تظلّ في کثير من نماذجها مماثلة للقصيدة أو الخاطرة من حيث اعتمادها الصورة . فقد لاحظنا مثلا أنّ الحبل من المسد في الجيد يجسّد صورة رمزية في أحد تفسيرات النص ، کما أنّ عبارة حمّالة الحطب في أحد تفسيرات النص تعني رمزاً للنميمة ، أو صورة رمزية تنسب إلى ما يسمّى بــ : التورية ، هذا فضلا عن أنّ المجانسة بين أبي لهب و لهب جهنّم يمثّل نمطاً آخر من المجانسة .
و حتّى استهلال الاُقصوصة بعبارة
﴿
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَب وَ تَبَّ
﴾
يمکننا في أحد تفسيرات النص أنّ نعدّه عنصراً صورياً ، بصفة أنّ اليدين: يدا أبي لهب رمزٌ لتملّک الشيء أو رمزٌ لأيّة ممارسة تعبّر عن الحرکة أو العمل أو أيّة ممارسة تعبّر عن مطلق السلوک مادّياً کان أو لفظياً أو معنوياً . . . إلى آخره .
العنصر الصوتي
مع أنّ العنصر الصوتي يظلّ سمة القصيدة و نحوها ، إلاّ أنّه کما لحظنا انسراب الصورة إلى القصة ، کذلک نجد انسراب الصوت إليها . فقد تمّت الإشارة إلى التجانس الصوتي بين کنية أبي لهب و بين النار ذات اللهب التي يصلاها ، کما يمکننا ملاحظة التجانس بين عبارة الاستهلال تبّت و بين نهايتها و تبّ ، مضافاً إلى ملاحظة التجانس بين أربعة أصوات الباء المتمثّلة في تبّت ، أبي ، لهب ، تبّ . اُولئک جميعاً تشکّل عنصراً صوتياً له جمالية في العنصر القصصي کما هو واضح .
البناء القصصي
أخيراً فيما يتصل بخصائص العرض القصصي نجد أنّ الاُقصوصة قد استهلّت بالتعليق القصصي:
﴿
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَب وَ تَبَّ ، ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَ ما کَسَبَ
﴾
و نتساءل ماذا استهدف التعليق أو التدخّل أو الحکم القصصي من ذلک ؟
إنّ القصة تقول: خسرت يدا أبي لهب ، و هو رمز لما مارسته الشخصية المذکورة من السلوک السلبي: لفظيّاً و حرکيّاً و مادّياً (اقتصادياً) و سلالياً ، و هذا في حالة ما إذا انسقنا مع التفسير الذاهب إلى أنّ عبارة
﴿
وَ ما کَسَبَ
﴾
تخصّ المباهاة بالأولاد .
و المطلوب الآن جمالياً هو أن نقول: إنّنا نعتزم أوّلا أن نمارس عملية تذوّق جمالي للاُقصوصة بغضّ النظر عن النصّ التفسيري مع ضرورته بطبيعة الحال ، و لکن ـ کما کرّرنا ـ أنّ إعجاز النص القرآني يتمثّل في التوفيق بين التذوّق الفنّي و التذوّق التفسيري .
المهم ، ماذا يمکننا أن نستخلص من الاستهلال القصصي المذکور ؟
إنّنا نستخلص بأنّ أبالهب مارس سلوکاً متعدّد الجوانب مادّياً و معنوياً بحيث ترتّب عليه خسار ، إلاّ أنّ الخسار بدوره يظلّ مجملا و ذلک لسببين ، أولهما: أنّ الاُقصوصة کرّرت الخسارة بالنسبة إلى يدي أبي لهب ، و الاُخرى بالنسبة إلى شخصيته بنحو عام و هذا ما يتمثّل في عبارتي : تبّت و تبّ .
ترى ماذا نستخلص من تينک الخسارتين ؟
قبل الرجوع إلى المأثورات المفسّرة يمکننا بأن نستخلص بأنّه مارس عملا مادّياً کالضرب مثلا ، أو عملا اقتصادياً کصرف الأموال أو مطلق ما يمکن بأن ينسب رمزياً إلى اليد ، کالإشارة القرآنية مثلاً إلى ما اکتسبت اليدان ، حيث ترمز بذلک إلى مطلق السلوک الصادر عن الإنسان أيّاً کان نمطه . . . و حينئذ فإنّ يديه الممارستين ـ أي يدي أبي لهب ـ للسلوک المضاد لرسالة الإسلام أو للنبيّ (صلى الله عليه وآله) قد خسرتا الموقف ، بصفة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد انتصر و تمّ له الفتح ، و دخل الناس في دين اللّه تعالى أفواجاً ، و أمّا أبولهب فقد خسر و باء بالفشل في محاولاته . . .
إذن ثمة خسارة دنيوية لمسها أبولهب و هو فشله مقابل نجاح محمّد (صلى الله عليه وآله) .
و هنا تکمن الطرافة القصصية المتمثّلة في اُسلوب التکرار الذي طبع الاُقصوصة من خلال عبارتي تبّت المشيرة إلى الخسار الدنيوي ، مقابل تبّ المشير إلى الخسار الاُخروي .
کيف ذلک ؟
إنّ عبارة تبّ تعني خسر . . . وذلک إذا عرفنا أنّ ما کسبت يداه قد طبعها الخسران الدنيوي ، حينئذ فإنّ خسار النفس لابدّ و أن يصبح اُخروياً .
أي أنّ تبّ لابد و أن تعني خسارة اُخروياً .
و تبّت تعني خسارةً دنيوياً ، لأنّ الخسارة الدنيوية أو الاُخروية وحدها ، لا تتوافق مع المفردة تبّ أو تبّت ، کما أ نّه لا معنى لأحد الخسارين: الدنيا أو الآخرة ، بصفة أ نّه خسر کليهما . أمّا الاُخرى فمن الوضوح بمکان .
و عبارة
﴿
سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَب
﴾
تعني اُخروية الخسار . . .
و أمّا دنيويته فتنحصر حينئذ في عبارة تبّت مادام الأمر يتّصل بمحاولاته المتنوّعة حيال الرسالة الإسلامية .
إذن لو اقتصرنا على تذوّقنا الفنّي الخالص ، لأمکننا أن نستخلص ما عرضناه الآن . . . و هو ـ لحسن الحظّ ـ يتجانس مع النصوص التفسيرية في بعض نماذجها بطبيعة الحال .
و الأمر نفسه بالنسبة إلى الشريحة الثانية من الاُقصوصة :
﴿
ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَ ما کَسَبَ
﴾
فالقارئ بمقدوره أن يستخلص بأنّ أبالهب إمّا أن يکون قد صرف مالا لمحاربة النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو خُيّل إليه بأنّ ما يمتلکه من المال و الأولاد ينفعه في الموقف ، و هو ما يتساوق أيضاً مع النص المفسّر .
أخيراً أيضاً ، إذا تابعنا البناء القصصي للحکاية التي بدأت أوّلا بالإشارة إلى خسارة أبي لهب بنمطيها ، للاحظنا أنّ استهلال القصة بنتائجها ، و هي الخسار دنيوياً و اُخروياً قبل العرض لسلوکه و امرأته ، نجد أنّ هذا الاستباق الزمني ثمّ الاسترجاع له مسوّغاته المتمثّلة في فکرة الاُقصوصة الذاهبة إلى أنّ اللّه تعالى يستهدف الإشارة إلى خسارة من يحاول إطفاء النور ، و الوقوف بوجه الرسالة الإسلامية بالنحو الذي أوضحناه .
انتهای پیام
ملف المرفقات:
وجهة نظر الزوار
وجهة النظر الخاصة بك
اسم
البريد الإلكتروني
اكتب الأعداد التي تراها في الصورة
الرجاء إدخال عنوان البريد الإلكتروني بشكل صحيح
أدخل عنوان البريد الإلكتروني
الرجاء إدخال النص
×
درباره نویسنده
الأحد ۵ آذر ۱۴۰۳
*
۲۱ جمادی الاول ۱۴۴۶
*
Sunday 24 Nov 2024
*
أحداث اليوم
Powered by
Ferdows CMS
Pro 1.2.0 2011 All right reserved.
سیستم مدیریت محتوا فردوس ، اتوماسیون اداری فردوس ، سیستم اتوماسیون اداری، ویدئو کنفرانس،
سیستم مدیریت محتوا فردوس ، بهترین سایت ساز
امنیت اطلاعات و ارتباطات ناجی
ممیزی امنیت Security Audits
سنجش آسیب پذیری ها Vulnerability Assesment
تست نفوذ Penetration Test
امنیت منابع انسانی
هک و نفوذ
آموزش هک