تعريف النبوة والنبي:
النبوة في اللغة: مأخوذة من النبأ، وهو خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن، وحق الخبر الذي يقال فيه نبأ أن يتعرى عن الکذب([1]).
والنبوة شرعاً: سفارة بين الله وبين ذوي العقول من عباده لإزاحة علتهم في أمر معادهم ومعاشهم([2]).
أمّا النبي شرعاً هو الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر([3]).
بين النبي والرسول([4]):
إن النبي والرسول کلاهما مرسلان إلى الناس غير أن النبي بعث لينبىء الناس بما عنده من نبأ الغيب لکونه خبيراً بما عند الله والرسول هو المرسل برسالة خاصة زائدة على أصل نبأ النبوة کما يشعر به أمثال قوله تعالى: (وما کنا معذبين حتى نبعث رسولاً). الإسراء / 15
وعلى هذا فالنبي هو الذي يبين للناس صلاح معاشهم ومعادهم من أصول الدين وفروعه على ما إقتضته عناية الله من هداية الناس إلى سعادتهم، والرسول هو الحامل لرسالة خاصة مشتملة على إتمام حجة يستتبع مخالفته هلاکاً أو عذاباً، قال تعالى: (لئلا يکون للناس على الله حجة بعد الرسل). النساء / 165
أولو العزم من الرسل([5]):
إن العزم إمّا بمعنى القصد الجازم أو الصبر أو الثبات ويؤيده ما رواه القمي في تفسير الآية: (فاصبر کما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم کأنهم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلاّ ساعة من نهار بلاغ فهل يهلک إلاّ القوم الفاسقون). الأحقاف / 35
حيث قال: وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم (عليهم السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله)، ومعنى أولو العزم أنهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله وأقروا بکل نبي قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التکذيب والأذى، وهذا أقرب الأقوال، ويؤيده أن الآية بسبب تحريض النبي محمد (صلى الله عليه وآله) على تحمل المشاق في طريق دعوته ورسالته.
وظائف الأنبياء:
الأنبياء والرسل قادة أقوياء متعلمين من الله ومرسلين من جانبه لقيادة الناس وهدايتهم لما خلقهم الله تعالى من أجله لذا کانت عليهم مهام أو وظائف کبيرة نذکر منها:
1 ـ الدعوة إلى الله تعالى: قال تعالى: (قال موسى يا فرعون إنّي رسول رب العالمين). آل عمران / 58
ويقول الإمام علي (عليه السلام): فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذکروهم منسي نعمته ويحتجوا عليهم بالتبليغ([6]).
2 ـ تربية الناس وتعليهم: قال تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزکيهم ويعلمهم الکتاب والحکمة وإن کانوا من قبل لفي ضلال مبين). الجمعة / 2
والمراد بالتربية هو تطهير النفوس من الرذائل وتحليتها بالفضائل، والمراد بالتعليم هو تعريفهم الأحکام الإلهية من الواجبات والمحرمات والمستحبات والمکروهات.
الطريق لمعرفة النبي أو الرسول([12]):
هناک عدّة طرق للإستدلال على نبوة النبي أو رسالة الرسول، وهي:
1 ـ إتيانه بالمعجزة.
2 ـ نص النبي أو الرسول المتقدم على نبوته أو رسالته کما حصل بالنسبة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) بشهادة القرآن وعلى لسان النبي عيسى (عليه السلام): (ومبشراً برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد). الصف / 6
3 ـ السيرة المميزة لهم عن سائر الناس، کالصدق والأمانة والإجتناب عن الخبائث.
ولنتحدث عن المعجزة من حيث:
أ ـ تعريف المعجزة: هي عبارة عن الأمر الخارق للعادة، يأتي بها مدعي النبوة بإرادة الله تعالى، وتکون دليلاً على صدق دعواه.
ب ـ الحاجة إلى المعجزة: کونها ضرورة للدلالة على صدق النبوة، وبالمعجزة يقطع دابر المتنبئين إذ أن الناس تطالبهم بمجرد إدعائهم النبوة فيسقط في أيديهم ويظهر زيف إدعائهم وکذب مزاعمهم.
ج ـ أنواع المعجزة: للمعجزة نوعان:
الأول: المعجزة الوقتية: وهي المختصة بمن شاهدها کناقة صالح (عليه السلام)وعصا موسى (عليه السلام) ومائدة عيسى (عليه السلام).
الثاني: المعجزة الخالدة الدائمة: وهي المستمرة الوجود ما دامت السماوات والأرض کالقرآن الکريم.
د ـ طبيعة المعجزة: وهي أن تناسب ما يشتهر في عصر النبي من العلوم والفنون ولأجل هذا وجدنا أن معجزة موسى (عليه السلام) هي العصا التي تلقف السحر إذ کان السحر في عصره فناً شائعاً، فلما جاءت العصا بطل ما کانوا يعملون وعلموا أنها فوق مقدورهم وأعلى من فنهم وإنها مما يعجز من مثلها البشر ويتضاءل عندها الفن والعلم، وکذلک معجزة عيسى (عليه السلام) وهي إبراء الأکمه والأبرص وإحياء الموتى إذ جاءت في وقت کان فن الطب هو السائد بين الناس وفيه علماء وأطباء لهم المکانة العليا فعجزوا عن مجاراة ما جاء به عيسى (عليه السلام).
ومعجزة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) الخالدة هي القرآن الکريم المعجز ببلاغته في وقت کان فن البلاغة معروفاً وکلن البلغاء هم المتقدمين عند الناس بحسن بيانهم وسمو فصاحتهم، فجاء القرآن کالصاعقة اذهلهم وادهشهم وافهمهم انهم لا قبل لهم به، ولا يزال القرآن معجزة تتحدى کل الناس وفي جوانب متعددة من الإعجاز.
انتهای پیام
ملف المرفقات: