من السُنن الإلهية المودعة في فطرة الإنسان ، هي الارتباط الروحي والعاطفي بأرحامه وأقاربه ، وهي سُنّة ثابتة يکاد يتساوى فيها أبناء البشر ، فالحب المودع في القلب هو العُلقة الروحية المهيمنة على علاقات الإنسان بأقاربه ، وهو قد يتفاوت تبعاً للقرب والبعد النسبي إلاّ أنّه لا يتخلّف بالکلية .
ولقد راعى الإسلام هذه الرابطة ، ودعا إلى تعميقها في الواقع ، وتحويلها إلى مَعلَم منظور ، وظاهرة واقعية تترجم فيه الرابطة الروحية إلى حرکة سلوکية وعمل ميداني .
فانظر کيف قرنَ تعالى بين التقوى وصلة الأرحام ، فقال : ( ... وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلَيْکُمْ رَقِيبًا ) (1) .
وذکر صلة القربى في سياق أوامره بالعدل والإحسان ، فقال : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ ) (2) .
وبالإضافة إلى الصلة الروحية دعا إلى الصلة المادية ، وجعلها مصداقاً للبرّ ، فقال تعالى : ( ... وَلَکِنَّ الْبِرَّ مَنْ ... وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاکِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّکَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِکَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِکَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (3) .
وجعل قطيعة الرحم سبباً للعنة الإلهية فقال : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَکُمْ * أُولَئِکَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) (4) .
ـــــــــــــــــ
(1) سورة النساء : 4 / 1 .
(2) سورة النحل : 16 / 90 .
(3) سورة البقرة : 2 / 177 .
(4) سورة محمد : 47 / 22 ـ 23 .
انتهای پیام
ملف المرفقات: