۱۳۹۸/۱۰/۱۳   14:26  بازدید:1298     ارشیو خطبات نماز جمعه


07 جمادی الأول 1441ق، الموافق 03 کانون الثانی 2020م.

 


الخطبة الاولی للجمعة 13  دی 1398ش، الموافق 07 جمادی الأول 1441ق، الموافق 03  کانون الثانی 2020م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

أصیکم عباد الله و نفسی بتقوی الله و اتباع أمره و نهیه. نحن فی کل لحظة من حیاتنا فی حضرة الله سبحانه و تعالی، فهو یرانا أینما کنا. فقال سبحانه و تعالی:

وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّکَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِکَ وَ لا أَکْبَرَ إِلاَّ في‏ کِتابٍ مُبين‏. (یونس، 61)

قبل أن أخل فی بحث یومنا، أتقدم بالتعازی لصاحب العصر و الزمان (ارواح العالمین لتراب مقدمه الفداء) و نائبه بالحق السید القائد ولی أمر المسلمین آیة الله العظمی السید علی الخامنه ای (دام ظله) و مراجعنا العظام فی قم المقدسة و النجف الأشرف و الأمة الإسلامیة و لا سیما إیاکم أجمعین بشهادة سید جبهات القتال الحاج قاسم السلیمانی و الثلة المؤمنة من الحشد الشعبی التی کانت ترافقهم علی ید قوی الشر العالمیة بقیادة أمریکا الشیطان الأکبر. فإنّا لله و إنا الیه راجعون.

و إذ نعزّی بشهادة هؤلاء الأبطال نعاهدهم و نعاهد أمتنا الإسلامیة علی مواصلة نهجهم و درب المقاومة الذی رسمه سید الشهداء الحسین بن علی علیه السلام فی کربلاء.

تکلمنا فی الأسبوع الماضی حول حقوق الناس، و ذکرنا بعض المطالب حول الموضوع، و وصلنا الی الحق المعنوی للناس. قلت إن هذا الموضوع أی الحق المعنوی للناس موضوع مستقل و یحتاج الی بحث مستقل فی خطبة مستقلة، فلذا أردت ان أتکلم الیوم فی الخطبة الأولی حول الحق المعنوی للناس. و المراد من الحق المعنوی للناس الحق غیر الحقوق المادیة الظاهریة، کمبحث حیثیة الناس و سُمعتهم التی هی حق معنوی للناس. فالیوم سوف أتکلم حول حیثیة الناس. و من حیث دور اللسان فی حفظ الحیثیة أو ثلم الصیت دور مهم جدا، فسوف نبحث عن اللسان و آفاته.

قبل أن ادخل فی المبحث الأصلی، أقول مقدمة: إن اللسان تختص بالانسان، و أما البهائم فمحرومة من هذه النعمة أو تنعمت بها و لکن بدرجة أقل من الانسان. قال الله سبحانه و تعالی:

الرَّحْمَانُ. عَلَّمَ الْقُرْءَانَ. خَلَقَ الْانسَنَ. عَلَّمَهُ الْبَيَان‏. (الرحمن، 1-4)

إن للسان فوائد کثیرة، و من جملتها البیان و نقل ما فی الضمیر الی المخاطب، اقرار العقائد، و ذکر الله سبحانه و تعالی و العبادة، الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، و کذلک امتثال کثیر من الواجبات و المستحبات، و التعریف عن أنفسنا، جاء فی الحدیث:

تَکَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِه‏. (نهج البلاغة، الحکمة، 400)

و قال شاعر:

تا مرد سخن نگفته باشد عیب و هنرش نهفته باشد

مادام لم یتکلم المرء       یبقی عیوبه و محاسنه مخفیة

و کذلک من فوائد اللسان هدایة الناس الی سبیل الله. فجاء فی روایة عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى الْيَمَنِ، وَ قَالَ لِي: يَا عَلِيُّ، لَاتُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتّى‏ تَدْعُوَهُ، وَ ايْمُ اللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ عَلى‏ يَدَيْکَ رَجُلًا خَيْرٌ لَکَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَ غَرَبَتْ، وَ لَکَ وَلَاؤُهُ يَا عَلِيُّ. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 9/410)

فللسان فوائد کثیرة أشرنا الی بعضها. الانسان حیوان ناطق، و له قدرة علی النطق الظاهری، و هو الکلام و قدرة علی النطق الباطنی و هو الفکر. و من خصائص هذه النعمة الالهیة سهولة اظهار ما فی الضمیر. عمل اللسان لا یحتاج الی مشقة بدنیة، فحتی فی حالة المرض یمکن للانسان ان یتکلم بما شاء. أعطانا هذه النعمة لکی نستفید منها لنشر دینه، و خدمة البشریة، و لکن لکثرة آفاته جاء فی روایة عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:

قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِنْ کُنْتَ زَعَمْتَ أَنَّ الْکَلَامَ مِنْ فِضَّةٍ، فَإِنَّ السُّکُوتَ مِنْ ذَهَب. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 3/295)

‏و جاء فی روایة أخری عن النبی الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم:

رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً تَکَلَّمَ فَغَنِمَ أَوْ سَکَتَ فَسَلِمَ إِنَّ اللِّسَانَ أَمْلَکُ شَيْ‏ءٍ لِلْإِنْسَانِ أَلَا وَ إِنَّ کَلَامَ الْعَبْدِ کُلَّهُ عَلَيْهِ إِلَّا ذِکْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْکَرٍ أَوْ إِصْلَاحٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ نُؤَاخَذُ بِمَا نَتَکَلَّمُ فَقَالَ وَ هَلْ يَکُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ فَمَنْ أَرَادَ السَّلَامَةَ فَلْيَحْفَظْ مَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ وَ لْيَحْرُسْ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ جِنَانُهُ وَ لِيُحْسِنْ عَمَلَهُ وَ لْيُقَصِّرْ أَمَلَهُ. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 74/178)

و جاء فی روایة ثالثة عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي فَقَالَ احْفَظْ لِسَانَکَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ احْفَظْ لِسَانَکَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ احْفَظْ لِسَانَکَ وَيْحَکَ وَ هَلْ يَکُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 3/299)

أما آفات اللسان فهی کثیرة، ذکرها علماء الأخلاق فی کتبهم. نحن فی هذا المجال نذکر بعضها الأهم. الأولی منها الکذب، و المراد منه أن نقول خلاف الواقع. جاء فی روایة عن عبد اللَّه بن جراد أنّه سأل النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و سلم فقال:

يا نبيّ اللَّه صلّى اللَّه‏ عليک هل يزني المؤمن؟ قال: قد يکون ذلک فقال: يا نبيّ اللَّه صلّى اللَّه عليک هل يکذب المؤمن؟ قال: لا، ثمّ أتبعها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم فقال هذه الکلمة: «إنما يفترى الکذب على اللَّه الّذين لا يؤمنون». (ورام بن أبي فراس، مسعود بن عيسى‏، مجموعه ورّام‏، 224)

و جاء فی روایة عن مولانا أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه الصلاة و السلام:

لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتْرُکَ الْکَذِبَ هَزْلَهُ وَ جِدَّهُ. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 4/44)

من آثار الکذب السیّئة رفع الثقة من الکاذب و بتبعه من المجتمع. و شیوع عدم الثقة فی الناس یؤدی الی مشاکل عدیدة فی المجتمع. الکذب له انواع کثیرة من جملتها الخبر الکاذب، و القسم الکاذب (هذا یسمی فی الفقه بالیمین الغموس و ذکر فی کتب الفقه أن الیمین الغموس من الکبائر)، و الروایات قد دلت علی قبح الیمین الغموس. جاء فی روایة عن النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم:

إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 30/416)

فقیل یا رسول الله! أ و لیس قد أحل الله البیع؟ قال بلی و لکنهم یحدّثون فیکذبون و یحلفون و یأثمون.

هذه الروایة لا تشمل جمیع التجار، و انما تشمل بعضهم، لأنّنا نری فی حدیث آخر عن النبی الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم:

الکاسب حبیب الله.

القسم الآخر من الکذب هو الوعد الکاذب. قال الله سبحانه و تعالی:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُون. کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُون‏‏. (الصف، 2-3)

و أیضا من أقسام الکذب المجاملات الکاذبة. و مع الأسف الشدید، قد شاع هذا القسم من الکذب شیوعا. کثیر من الناس یجاملون الآخرین مع أنهم لا یعنونه.

نعم فی بعض الموارد یجوز ان نکذب، کالکذب فی میدان الحرب. جاء فی روایة عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ قَالَ::

الْحَرْبُ خُدْعَةٌ إِذَا حَدَّثْتُکُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حَدِيثاً، فَوَ اللَّهِ لَئِنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ تَخْطَفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَکْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ إِذَا حَدَّثْتُکُمْ عَنِّي فَإِنَّمَا الْحَرْبُ خُدْعَةٌ. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعَثُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ: إِنَّکُمْ إِذَا الْتَقَيْتُمْ أَنْتُمْ وَ مُحَمَّدٌ أَمْدَدْنَاکُمْ وَ أَعَنَّاکُمْ. فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَخَطَبَنَا فَقَالَ: إِنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ بَعَثُوا إِلَيْنَا: أَنَّا إِذَا الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَ أَبُو سُفْيَانَ أَمَدُّونَا وَ أَعَانُونَا. فَبَلَغَ ذَلِکَ أَبَا سُفْيَانَ فَقَالَ: غَدَرَتْ يَهُودُ. فَارْتَحِلْ عَنْهُم‏. (الحميرى، عبد الله بن جعفر، قرب الأسناد، 133)

و أیضا یجوز الکذب لإصلاح ذات البین. قال أحد الرواة من النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم: تشاجر شخصان من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم. رأیت أحدهما و قلت له: لماذا تشاجرت مع فلان، مع أنه لا یقول منک الا حسنا، ثم رأیت الآخر و قلت له کما قلت للأول، و بهذا الطریق أصلحت ذات بینهما. ثم قلت فی نفسی صالحت بینهما، و أهلکت نفسی. و عندما جئت الی النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم ذکرت له ما فعلت، فقال لی النبی صلی الله علیه و آله و سلم: یا أبا خالد! أصلح بین الناس و لو بالکذب.

و أیضا من موارد جواز الکذب ما اذا کان الکذب لازما لحفظ الحیثیة (حیثیة نفسه أو حیثیة الآخرین). لا یجوز للانسان ان یظهر ما ارتکب من المعاصی أمام الآخرین و لا سیما المعاصی المرتبطة بحقوق الله عز و جل، بل وظیفته کتمانها.

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من ارتکب شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، و ذلک لأن إظهار الفاحشة فاحشة أخرى‏. (المجلسى، محمد باقر بن محمد تقى‏، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول‏، 10/348)

و من آفات اللسان الأخری اظهار الغضب به. نعم هناک طرق أخری یظهر الانسان غضبه منها کإظهار الغضب بالید أو غیرها من أعضاء البدن، و لکن اللسان أهمها و أکثرها استعمالا. الله سبحانه و تعالی جعل الغضب فی الانسان لمواجهة أعداء الاسلام. قال الله سبحانه و تعالی:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْکُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ. (الفتح، 29)

فینبغی ان یغضب الانسان علی الکفار لا علی ابویه، و إخوته و أخواته و أولاده و ....

قال أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام:

الْغَضَبُ نَارٌ مُوقَدَةٌ مَنْ کَظَمَهُ أَطْفَأَهَا وَ مَنْ أَطْلَقَهُ کَانَ أَوَّلَ مُحْتَرِقٍ بِهَا. (الليثى الواسطى، على بن محمد، عيون الحکم و المواعظ، 22)

تیر از کمان چو رفت نیاید به شست باز    پس واجبست در همه کاری تأملی

لو جاز السهم من القوس لا یرجع الیه       فیجب ان یتُأمل فی کل أمر قبل ان نفعله

الانسان أمیر کلامه الی ان یتکلم و بعد ان تکلم، یصبح الکلام أمیره. قال الله عز و جل فی الحدیث القدسی:

يا ابن آدم، اذکرني حين تغضب أذکرک حين أغضب، فلا امحقک فيمن أمحق. (الشیخ حر العاملی، محمد بن حسن، الجواهر السنية في الأحاديث القدسية، 703)

ذکر علماء الأخلاق بعض الأمور لکظم الغیظ و من جملتها ما یلی:

ان یقوم المغضب لو کان جالسا، و أن یجلس لو کان قائما. أو یغسل وجهه بالماء البارد، أو یتوضأ، و یترک المکان.

و کذلک لو تعاهد الزوجان و الزملاء و .... أن یتنازل أحدهما اذا غضب الآخر و کذلک بالعکس، فهذا یوجب ان لا تقع کثیر من النزاعات العائلیة و غیرها. تعرفون أن العقل یتعطل فی حال الغضب، فلذا جاء فی الروایة:

قال أمیر المؤمنین الإمام علی علیه الصلاة و السلام:

إِيَّاکَ وَ الْغَضَبَ فَأَوَّلُهُ جُنُونٌ وَ آخِرُهُ نَدَمٌ: (النوری، حسین بن محمد تقی، مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل‏، 12/12)

و جاء فی روایة أخری عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:

إِنَّ هذَا الْغَضَبَ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، تُوقَدُ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، وَ إِنَّ أَحَدَکُمْ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَ انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، وَ دَخَلَ الشَّيْطَانُ فِيهِ، فَإِذَا خَافَ أَحَدُکُمْ ذلِکَ مِنْ نَفْسِهِ، فَلْيَلْزَمِ الْأَرْضَ، فَإِنَّ رِجْزَ الشَّيْطَانِ لَيَذْهَبُ عَنْهُ عِنْدَ ذلِک‏. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 3/744)

و من حیث کان الغضب من الجنون و لا یستطیع المغضب ان یتأمل فیما یقول او یفعل، فالأفضل ان یسکت المخاطب أمامه کی لا یقع النزاع.

من آفات اللسان الأخری الغیبة. قال الله سبحانه و تعالی:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا .... وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُکُمْ أَنْ يَأْکُلَ لَحْمَ أَخيهِ مَيْتاً فَکَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحيم‏. (الحجرات، 12)

أجل، إنّ کرامة الأخ المسلم و سمعته کلحم جسده، و ابتذال ماء وجهه بسبب اغتيابه و إفشاء أسراره الخفية کمثل أکل لحمه. کلمة «ميتا» للتعبير عن أنّ الاغتياب إنّما يقع في غياب الأفراد، فمثلهم کمثل الموتى الذين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم، و هذا الفعل أقبح ظلم يصدر عن الإنسان في حق أخيه!. أجل، إنّ هذا التشبيه يبيّن قبح الاغتياب و إثمه العظيم.

و هذا التشبيه يدلّ على أن الاغتياب کمثل الجرب الذي يأکل اللحم، فإنّه يذهب بالإيمان بسرعة. و مع الالتفات إلى أنّ بواعث الغيبة و دوافعها أمور متعدّدة کالحسد و التکبّر و البخل و الحقد و الأنانية و أمثالها من صفات دميمة و قبيحة يتّضح السرّ في سبب کون الغيبة و تلويث سمعة المسلمين و هتک حرمتهم لها هذا الأثر المدمّر لإيمان الشخص.

جاء فی روایة عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم قال:

مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ بِأَظَافِيرِهِمْ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ النَّاسَ وَ يَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 72/222)

و قال أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام:

کذب من زعم أنّه ولد من حلال و هو يأکل لحوم النّاس بالغيبة، فاجتنب الغيبة فانها ادام کلاب النّار. (الهاشمی الخوئی، میرزا حبیب الله، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، 8/378)

هناک فرق بین الغیبة و التهمة. الغیبة هی ذکر العبد أخاه بما یکره فی الغیب و من وراء ظهره سواء کانت هذه الغیبة فی بدن الشخص أو دینه أو خلقه أو ماله أو زوجه أو أولاده أو أیّ شیء یتعلق به، و تکون الغیبة باللسان، أو کتابة بالید، أو الإشارة بالعیون أو الرأس، سواء کانت تلمیحا أو تصریحا، و شرط صدق الغیبة ان یکون فیه الصفة السیّئة التی ذکرت وراء ظهر، و أما اذا لم یکن فیه، فهذا بهتان و تهمة. روی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم قَالَ:

هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذِکْرُکَ أَخَاکَ بِمَا يَکْرَهُ قِيلَ أَ رَأَيْتَ إِنْ کَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ ص إِنْ کَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَ إِنْ لَمْ يَکُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّه‏. (الشهید الثانی، زین الدین بن علی، کشف الريبة، 5)

و من حیث إن التهمة اجتمعت الغیبة مع الکذب، فیمکن ان نقول أن التهمة أسوء من الغیبة.

قال الامام الصادق علیه السلام:

مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيم‏. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 72/240)

و أیضا روی عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ:

مَنْ رَوَى عَلَى مُؤْمِنٍ رِوَايَةً يُرِيدُ بِهَا شَيْنَهُ وَ هَدْمَ مُرُوَّتِهِ لِيَسْقُطَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ أَخْرَجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ وَلَايَتِهِ إِلَى وَلَايَةِ الشَّيْطَان‏. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 72/254)

هذا فی الأمور الفردیة، و أما الأمور الأجتماعیة فتختلف. و ینبغی ان یفشی عیوب بعض الناس اذا کانت العیوب مرتبة بالأمور الأجتماعیة. نعم هنا تفاصیل لا مجال هنا لذکرها.

و للسان آفات أخری کثیرة کالإستهزاء، و الإبرة و التهکم، و افشاء الاسرار، و السبّ و الشتم، و ....

نسأل الله ان یرزقنا توفیق ان نستفید من اللسان بأحسن وجه، و نستخدمه لنشر دینه و معارفه و هدایة الناس الی سبیله.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.

الخطبة الثانیة للجمعة 13  دی 1398ش، الموافق 07 جمادی الأول 1441ق، الموافق 03  کانون الثانی 2020م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

أوصیکم و نفسی بتقوی الله.

أرید أن أتکلم باختصار حول الحوادث الأخیرة فی العراق. و سوف اذکر بعض الآیات و الروایات فی هذا المجال ان شاء الله.

أعداء الاسلام دائما یحاولون ان یهدموا بناء الاسلام و للوصول الی اغراضهم الشنیئة دسّوا دسائس کثیرة. قال الله سبحان و تعالی:

وَ لَنْ تَرْضى‏ عَنْکَ الْيَهُودُ وَ لاَ النَّصارى‏ حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى‏ وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذي جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَکَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصير. (البقرة، 120)

الحقائق التی کشف عنها القرآن الکریم و الأخبار التی أخبر بها القرآن لا تختص بزمان دون زمان، و بمکان دون مکان، و انما تشمل جمیع الازمان و الأماکن. فما قال الله سبحانه و تعالی من أن الیهود و النصاری لن یرضو عن المسلمین الا ان یتبع المسلمون ملتهم المحرّفة، لا یختص بعصر الرسالة أو بعصر الحضور أو عصر آخر، و انما یشمل زماننا هذا ایضا. قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم:

مَنْ أَصْبَحَ لَايَهْتَمُّ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَ مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُنَادِي: يَا لَلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَيْسَ بِمُسْلِم‏. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 3/419)

الأمة الاسلامیة، أمة واحدة، و الحدود الجغرافیة فُرضت علیهم. و ینبغی ان نتجاهل هذه الحدود المفروضة مهما أمکن، و نکون أمة واحدة. فلذا نری أن أمیرکا أو إسرائیل کلما أهجم علی عراق، أو لبنان، أو أی بلد آخر، یتظاهر جمیع المسلمین بل جمیع الأحرار من أی بلد کانوا، و بهذا الطریق أعلنوا أنهم خلاف الظلم و الظالمین. و الناس دائما یظهرون آرائهم الایجابیة أو السلبیة أمام المؤامرة.

إنّ أصل حمایة المظلوم و مبارزة الظالمین مأخوذ من القرآن و السنة. و الله سبحانه و تعالی حکم علی الظلم أکثر من ثلاث مأة و خمسین مرة فی القرآن الکریم. و نهی الناس عن إعانة الظلم و الظالمین. قال الله سبحانه و تعالی:

أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَديرٌ. (الحج، 39)

قال مولانا أمیر المؤمنین فی وصیته للامام الحسن و الحسین علیهما السلام و لأهله و لکل من بلغ الیه وصیته علیه السلام:

کُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَ لِلْمَظْلُومِ عَوْنا... نهج البلاغة، الخطبة، 47)

و قال الامام السجاد علیه السلام فی دعائه:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْکَ مِنْ مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْه‏... (الصحیفة السجادیة، الدعاء 38)

اذا قدر الانسان علی ان ینصر مظلوما و لم ینصره، فالعقل یحکم بقبح هذا السکوت. و العقل لا یفرق بین الناس، و انما یحکم بوجوب اعانة المظلوم من أیّ ملة کان.

من النکات المهمة التی اردت ذکرها الیوم، وجوب حفظ أصل و أساس الاسلام. فلو تعرض أصل الاسلام للخطر، فالدفاع عنه واجب حتی علی النساء (فی حال الضرورة). کتبنا الفقهیة مملوة بدلائل هذا. نصلی و نسلم علی جمیع الشهداء من آدم علیه السلام الی شهداء عصرنا و لا سیما الذین استشهدوا فی أخیرا فی العراق. قد سمعتم خبر شهادة اللواء قاسم السلیمانی و الذین کانوا معه. اللواء قاسم السلیمانی کان کقذی فی عین الأعداء الظالمین الذین یریدون ان یهدموا بناء الاسلام. أعزی صاحب العصر و الزمان عج الله فرجه الشریف و ولی أمر المسلمین قائدنا العزیز السید علی الخامنه ای دامت برکاته و جمیع المؤمنین و لا سیما إیاکم الحاضرین فی مسجد الامام الحسین علیه السلام، بشهادة هؤلاء العظماء.

فی أول الثورة الاسلامیة کلما استشهد أحد من ناصری ولی أمر المسلمین، کان اللواء السلیمانی یقول: اللهم! قد ذهبت النجوم، فاحفظ لنا الشمس. و نحن ایضا نسأل الله ان یحفظ السید القائد الخامنه ای کی یقدم هذه الأمانة الی صاحب الزمان عج الله تعالی فرجه الشریف.

و أیضا نبارک للواء السلیمانی الشهادة و اصدقائه. فطوبی لکم ایها المستشهدون الشهادة. قد یسأل البعض، لماذا نبارک له مع اننا قد افتقدنا هذا اللواء الکبیر؟ و الجواب أن شخصا کاللواء السلیمانی الذی کان دعائه منذ مدة طویلة أن یرزقه الله درجة الشهادة، وصل الی امنیته فهذا مقام التبریک. هو کان شیعة علیّ علیه السلام الذی لم یقل فزت لما اسلم (ظاهرا، و هو کان مسلما منذ ولادته)، و أیضا لم یقل فزت عندما نزلت فیه آیات مختلفة، و کذلک لم یقل فزت فی المواقع المختلفة التی صدر فیها احادیث مختلفة عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم فی شأنه، و لم یقل فزت عندما تزوج فاطمة سلام الله علیها و اصبح سهر النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم، و ایضا لم یقل فزت عندما جعلت ضربته الواحدة یوم الخندق افضل من عبادة الثقلین، و لم یقل فزت حتی اذا جعله الله مولی جمیع المؤمنین و المؤمنات، و أیضا لم یقله اذا وصل الی الخلافة الظاهرة، و ... و لکنه علیه السلام عندما استشهد فی محراب مسجد الکوفة قال :

فُزْتُ وَ رَبِّ الْکَعْبَةِ. (ابن شهر آشوب المازندرانی، محمد بن علی، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام‏، 2/119)

و کما رأیتم فی بیان السید القائد حفظه الله سبحانه، عزّی الملة الاسلامیة بشهادته هذا اللواء الکبیر و بارک لروح الشهید قاسم السلیمانی. و لیعلم العدوّ أننا محزونون بفقده، و لکن سوف یقوم مقامه أمثاله و لا تتوقف مسیرة الثورة. استشهد عماد مغنیة فی لبنان، و لکن لم تتوقف المقاومة، و أیضا استشهد عمرانی مقدم فی ایران، و لکن صنع صاروخ لم یتوقف، و کذلک استشهد حسین الهمدانی فی السوریة، و لکن مقاومة السوریة لم تتوقف. یظنّ العدو أن المقاومة سوف تتوقف بشهادة اللواء قاسم السلیمانی، و لیعلموا أنّ المقاومة لا تتوقف و أمثال اللواء قاسم السلیمانی سوف یقومون مقامه ان شاء الله.

نسأل الله ان یوفقنی و إیاکم فی خدمة الاسلام و القرآن. اللهم أیّد الاسلام و المسلمین، و اخذل الکفار و المعاندین. اللهم عجل لولیک الفرج و العافیة و النصر، و اجعلنا بفضلک من اعوانه و انصاره و شیعته، اللهم اصلح کل فاسد من امور المسلمین، اللهم اجعل عواقب امورنا خیرا.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.