۱۳۹۸/۹/۲۲   13:21  بازدید:1538     ارشیو خطبات نماز جمعه


16 ربیع الثانی 1441ق، الموافق 13 کانون الأول 2019م.

 


الخطبة الاولی للجمعة 22  آذر 1398ش، الموافق 16 ربیع الثانی 1441ق، الموافق 13  کانون الأول 2019م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

عباد الله! أوصیکم و نفسی بتقوی الله فإنه مفتاح سداد. و التقوی هو عبارة عن فعل الواجبات و ترک المحرمات و هذا لا یحصل الا بالتنبه الی أننا فی حضرة الله سبحانه و تعال، فهو و ملائکته المؤکلون ینظرون اعمالنا و سوف نحاسب یوم القیامة.

فی الخطبة الأولی ارید ان اتکلم حول آثار المعاصی فی هذه الدنیا. فإن للذنوب آثار مخرّبة فی هذه الدنیا اضافة الی العوالم الأخری کعالم البرزخ و عالم الآخرة.

من آثار السیّئة للذنوب فی هذه الدنیا الصعوبات و المشاکل و البلایا و ظهور الفساد. الآیات و الروایات تدل بکل وضوح و صراحة علی هذا المطلب. اذکر لکم بعضها کمثال. قال الله سبحانه و تعالی:

ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما کَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذيقَهُمْ بَعْضَ الَّذي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (الروم، 41)

و قال تعالی فی آیة أخری:

وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَکاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لکِنْ کَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما کانُوا يَکْسِبُون‏. (الأعراف، 96)

فکما رأینا، ترک الایمان و التقوی و تکذیب ما جاء به الرسل من عند الله سبحانه و تعالی یوجب العقاب و العذاب من الله عز و جل.

حکی الله سبحانه و تعالی فی آیة أخری قول نبیه نوح علیه السلام، أنه قال لقومه:

وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْکُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْکُمْ قُوَّةً إِلى‏ قُوَّتِکُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمين‏. (هود، 52)

جمیع هذه الآیات تدل بصراحة علی أننا لو آمنا بالله و بکل ما جاء به رسله و اتقیناه، فالله تبارک و تعالی ینزل علینا برکاته. و لکن لو لم نؤمن به، و لم نطعه و انما اطعنا الشیطان الذی هو لنا عدو مبین، فکما قال الله سبحانه و تعالی کل ما یصیبنا فهو بسبب اعمالنا السیئة. و هذا ما یدل علیه قوله سبحانه و تعالی:

فَکَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ ثُمَّ جاؤُکَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَ تَوْفيقاً. (النساء، 62)

و قال سبحانه و تعالی فی آیة أخری:

وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصيبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَيْديکُم‏... (الشوری، 30)

فاتضح من هذه الآیات أن کل مصیبة تصیبنا فهو من انفسنا، و لکن الحسنات فهی من الله سبحانه و تعالی. قال الله عز و جل:

ما أَصابَکَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَکَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِکَ. (النساء، 79)

فالحسنات من الله سبحانه و تعالی و السیّئات من انفسنا. اذکر لکم روایة عن مولانا أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه الصلاة و السلام:

إِنَّ الْبَلَاءَ لِلظَّالِمِ أَدَبٌ وَ لِلْمُؤْمِنِ امْتِحَانٌ وَ لِلْأَنْبِيَاءِ دَرَجَةٌ وَ لِلْأَوْلِيَاءِ کَرَامَةٌ.  (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 78/198)

فلو لم یصح قولنا أنّ جمیع ما یصیبنا من المصیبات هی بسبب اعمالنا السیئة فیمکننا ان نقول أن کثیرا من مصیباتنا هی نتیجة لمعاصینا التی ارتکبناها. فالذنوب اضافة علی العقوبات الأخرویة، توجب الصعوبات و المصیبات الدنیویة أیضا.

من العرفاء المعروفین فی عصرنا سماحة الشیخ رجب علی فیاض. و من حیث إنه قد أعطی بصارة برزخیة، فهو یری مشاکل کثیر من الناس فی عالم البرزخ و یعلمهم طرق النجاة من تلک المشاکل البرزخیة. جاء الیه رجل صاحب مطبخ الرز و الشواء و شکی عن ضنک المعیشة و الاقتصاد المنهار، فأجابه الشیخ بأن هذا لیس الا بسبب أعمالکم. الا تتذکر أنه جاء الیک رجل فقیر و لم یکن لدیه مال، و اراد أن یأکل الطعام علی سبیل التسلیف، فدفعته و أخرجته من المطبخ؟! فلو اردت ان تنحلّ مشکلتک، فاذهب الیه و استعفه و استرضه. فذهب الشخص الیه و اعتذره ثم ذهب الی مطبخه و غیّر الکتابة علی اللوحة المنصوبة فی مطبخه التی کان مکتوبا علیها لا اعطی الطعام علی سبیل التسلیف، و کتب علیها اعطی الطعام علی سبیل التسلیف أیضا. و بهذا الطریق ارتفعت مشاکله.

نقل أن أُمّا ضربت طفلها الصغیر لأنه بال فی ملابسه، و بعد مضی ساعة من ضرب طفلها، اصیبت بحمّی و ذهب بها الی الطبیب و لکنها لم تُفق، و بعد مضی بضعة ایام، ذهب بها الی سماحة الشیخ رجب علی فیاض، فنظر الشیخ الیها نظرة و قال لم ضربت طفلک بهذه الشدة؟! ارجعی و استغری الله و استعطفی الطفل، فالله تبارک و تعالی سوف یشفیک. فرجعت و استرضت الطفل فشفاها الله.

انقل لکم قصة ثالثة. أنّ شخصا عذِّب فی عالم البرزخ لأنه تزوج امرأتین و لکنه لم یؤد حقوق زوجته الأولی. فوصّی ابنه فی الرؤیة: یا بنی! لا تزوج إمرأتین أو أدّ حقوق کلیهما. و هذا هو أمر الله سبحانه و تعالی فی القرآن الکریم. قال سبحانه و تعالی:

فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدة... (النساء، 3)

و هناک قصة أخری ترتبط به هذا الموضوع. کان شخص صاحب بیوت عدیدة و احتاج الی النقد لأنه سحب الصک نقدا و اراد ان یبیع بعض بیوته و لکن لا أحد اشتری بیته. فذهب الی الشیخ رجب علی فیاض، فرأی الشیخ الیه و قال ارجع و استرض اختک. قال لماذا؟ قال الشیخ: لأنک خدعت اختک فی تقسیم ارث ابیک و هی لا تعلم. فعلیک ان تذهب و تعطی أختک حقها. ففعل الشخص ما وصّی به الشیخ، فارتفع مشکلته.

القصص من هذا القبیل کثیرة، و انا قد ذکرت بعضها کمثال. و انما اردت ان ابین لکم أن اعمالنا قد یوجب نزول البلاء و المصیبات علینا. و لا ترتفع المصیبة الا بعد الاستغفار و جبر ما نقصناه و ... و علی ما ورد فی بعض الأحادیث، حتی الظلم بالنسبة للدواب و البهائم ایضا قد یوجب المشاکل الدنیویة و الأخرویة. نقل عن النبی الاعظم صلی الله علیه وآله و سلم:

لو غفر لکم ما تأتون الی البهائم بنحو ضرب وصف و تحمیل فوق طاقة لغفر لکم کثیرا. (المتقی الهندی، علاء الدین علی بن حسام، کنز العمال، 24972)

نعلم أن فی المدن لا توجد بهائم کثیرة، و لکن ینبغی ان نراعی حقوق ما واجهنا من البهائم فی المدینة او غیرها.

و جاء فی روایة أخری عن النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم:

دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَ لَمْ تَدَعْهَا تَأْکُلُ مِنْ حِشَاشِ الْأَرْضِ.  (ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين‏، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، 1/154)

و جاء فی روایة أخری عن الإمام الصادق علیه السلام:

إِنَّ امْرَأَةً عُذِّبَتْ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ عَطَشاً. (ابن بابویه، محمد بن علی، ثواب الأعمال و عقاب الأعمال‏، 278)

و ایضا من حقوق الذبیحة ان یکون السکین حادّا. لأن السکین الحاد یوجب إراحة الذبیحة حین الذبح. و ایضا من مستحبات الذبح ان لا یکون هناک حیوان من جنس الذبیحة یراه. جاء فی روایة عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه الصلاة و السلام قَالَ:

لَا تَذْبَحِ الشَّاةَ عِنْدَ الشَّاةِ وَ لَا الْجَزُورَ عِنْدَ الْجَزُورِ وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.  (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 12/169)

جاء صیّاد الی الشیخ رجب علی الفیاض و قال طفلی مریض و کأنه یموت علی عینیّ. فقال قد قتلت طفل فهدٍ و أمه تنظر فدعت علیک ان یمیت الله طفلک و انت تنظر الیه کما قتلت طفله امامه.

تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لکِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبيحَهُمْ إِنَّهُ کانَ حَليماً غَفُورا. (الإسراء، 44)

و علماء الأخلاق یؤکدون علی ان یتوجه التلمیذ الی قول المعلم داخل الصف و خارجه. لأنه هذا یوجب له التوفیق، و لو لم یستمع الی ما یقول الاستاذ فهذا کأهانة له و یؤدی الی سلب التوفیق.

أیها الأعزاء! هذا الکون کله ذو شعور. و و صرحت الآیات و الروایات أن لجمیع أعمالنا الصالحة و السیّئة آثار فی هذه الدنیا و فی الآخرة. جاء فی روایة عن الامام ابی عبد الله الصادق علیه الصلاة و السلام:

يَعِيشُ النَّاسُ بِإِحْسَانِهِمْ أَکْثَرَ مِمَّا يَعِيشُونَ بِأَعْمَارِهِمْ وَ يَمُوتُونَ بِذُنُوبِهِمْ أَکْثَرَ مِمَّا يَمُوتُونَ بِآجَالِهِمْ. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 5/140)

نسأل الله السمیع البصیر، الرحمن الرحیم ان یرزقنا توفیق رعایة التقوی فی جمیع جوانب الحیاة.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.

الخطبة الثانیة للجمعة 22  آذر 1398ش، الموافق 16 ربیع الثانی 1441ق، الموافق 13  کانون الأول 2019م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

اللهم ارزقنا زیارة أئمة أهل البیت علیهم السلام فی الدنیا و شفاعتهم فی الآخرة. أوصیکم أجمعین و نفسی بتقوی الله، و رعایة الحلال و الحرام و تذکر أن الله منا قریب کما قال تعالی:

نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ. (ق، 16)

و اذا اعتقدنا اننا فی حضرة الله سبحانه و تعالی، فهذا یؤثر علی أسلوب حیاتنا، و بالنتیجة نحیی حیاة طیّبة.

فی الخطبة الثانی ارید ان أقرء لکم آیة من القرآن حتی ابین لکم بعد ترجمتها، بعض مصادیقها من حیاتنا الاعتیادیة. قال الله عز و جل:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْکافِرينَ عَذابٌ أَليمٌ. (البقرة، 104)

یقول ابن عباس الذی هو من تلامیذ مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام و من المفسرین المتقدمین، ذلک أن العرب کانوا يتکلمون بها، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلى اللّه عليه و سلم، أعجبهم ذلک. و کان راعنا في کلام اليهود السب القبيح فقالوا: إنا کنا نسب محمداً سراً، فالآن أعلنوا السب لمحمد لأنه من کلامهم. فکانوا يأتون نبي اللَّه صلى اللّه عليه و سلم، فيقولون: يا محمد، راعنا و يضحکون، ففطن بها رجل من الأنصار، و هو سعد بن عبادة، و کان عارفاً بلغة اليهود، فقال: يا أعداء اللَّه، عليکم لعنة اللَّه، و الذي نفس محمد بيده، لئن‏ سمعتها من رجل منکم لأضربنّ عنقه. فقالوا: أ لستم تقولونها (له؟) فأنزل اللَّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا. (الواحدی، على بن احمد، اسباب نزول القرآن‏، 37-38)

وَ قَالَ الامام مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ علیه السلام فَکَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ رَاعِنَا مِنْ أَلْفَاظِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُخَاطِبُونَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم يَقُولُونَ رَاعِنَا أَيِ ارْعَ أَحْوَالَنَا وَ اسْمَعْ مِنَّا نَسْمَعْ مِنْکَ وَ کَانَ فِي لُغَةِ الْيَهُودِ اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودُ الْمُسْلِمِينَ يُخَاطِبُونَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُونَ رَاعِنَا وَ يُخَاطِبُونَ بِهَا قَالُوا کُنَّا نَشْتِمُ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله و سلم إِلَى الْآنَ سِرّاً فَتَعَالَوُا الْآنَ نَشْتِمُهُ جَهْراً وَ کَانُوا يُخَاطِبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ يَقُولُونَ رَاعِنَا يُرِيدُونَ شَتْمَهُ فَتَفَطَّنَ لَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ عَلَيْکُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ أَرَاکُمْ تُرِيدُونَ سَبَّ رَسُولِ اللَّهِ تُوَهِّمُونَا أَنَّکُمْ تَجْرُونَ فِي مُخَاطَبَتِهِ مَجْرَانَا وَ اللَّهِ لَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْکُمْ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وَ لَوْ لَا أَنِّي أَکْرَهُ أَنْ أَقْدِمَ عَلَيْکُمْ قَبْلَ التَّقَدُّمِ وَ الِاسْتِئْذَانِ لَهُ وَ لِأَخِيهِ وَ وَصِيِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام الْقَيِّمِ بِأُمُورِ الْأُمَّةِ نَائِباً عَنْهُ لَضَرَبْتُ عُنُقَ مَنْ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْکُمْ يَقُولُ هَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يَا مُحَمَّدُ مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَکانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لکِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِکُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا وَ أَنْزَلَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْکافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ‏  لا تَقُولُوا راعِنا فَإِنَّهَا لَفْظَةٌ يَتَوَصَّلُ بِهَا أَعْدَاؤُکُمْ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى سَبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَ سَبِّکُمْ وَ شَتْمِکُمْ وَ قُولُوا انْظُرْنا أَيْ قُولُوا بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ لَا بِلَفْظَةِ رَاعِنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا فِي قَوْلِکُمْ رَاعِنَا وَ لَا يُمْکِنُهُمْ أَنْ يَتَوَصَّلُوا بِهَا إِلَى الشَّتْمِ کَمَا يُمْکِنُهُمْ بِقَوْلِکُمْ رَاعِنَا... (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 9/332)

فالله سبحانه و تعالی لا یحبّ ان یُسخر أو یُشتم رسوله المکرم أو المؤمنون. و کل من ارتکب هذه المعصیة فهو سوف یذوق عذاب الله. و کذلک لا ینبغی ان نعطی الاعداء حجة لطعن دیننا او سبّ و شتم قادتنا أو المؤمنین.

الآن اذکر لکم بعض مصادیق هذه الآیة من حیاتنا الاعتیادیة التی تسمح الأعداء ان یسخروا الاسلام و المسلمین و لا سیما نبینا المکرم صلی الله علیه و آله و سلم.

أما المصداق الأول: فهو سجود بعض الناس امام ضریح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و ضرائح أئمة أهل البیت علیهم السلام. زیارة النبی الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم و أئمة أهل البیت علیهم السلام من شعائر الدین. و من سعادة الانسان ان یزور النبی صلی الله علیه و آله و سلم و أهل بیته علیهم السلام و یستفید من فیوضات زیارتهم و برکاتها. هذا الأصل لا شک فیها و لا ریب، و لکن المشکلة هی أن بعض المؤمنین عندما یذهبون لزیارتهم علیهم السلام، فلشدة الخشوع یسجدون امام الضریح. هذا الفعل (السجود امام الضریح) اذا کان لصاحب الضریح فهو من الکبائر لأنه شرک بالله عز و جل لأن السجود یختص بالله سبحانه و لا یجوز ان یُسجد غیرُ الله. و أما اذا لم یکن هذا الفعل لصاحب الضریح و انما کان لله سبحانه فلو فی نفسه لا یکون فیه اشکال اذا کان لله سبحانه و تعالی و لا لصاحب الضریح، و لکن من حیث أن هذا العمل قد یوجب وهن الدین و التشیع، لأن الأعداء یستخدمون هذا کحجة علی الشیعة، فالافضل ان یجتنب منه و لا سیما اذا کان هناک احتمال استفادة الاعداء منها کحجة علی الشیعة.

و أما ما جاء فی الآیات الکریمة من أمر الله سبحانه و تعالی ملائکته أن یسجدوا لآدم کما فی قوله تعالی:

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْليسَ أَبى‏ وَ اسْتَکْبَرَ وَ کانَ مِنَ الْکافِرين‏. (البقرة، 34)

فجاء فی روایات أئمة أهل البیت علیهم السلام أن هذا السجود لم یکن لآدم علیه السلام و انما کان لله سبحانه و تعالی. اذکر لکم روایة عن الرّضا عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: .... ثمّ إنّ اللّه تعالى خلق آدم عليه السّلام و أودعنا صلبه و أمر الملائکة بالسجود له تعظيما لنا و اکراما و کان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبودية، و لآدم اکراما و طاعة لکوننا في صلبه، فکيف لا نکون أفضل من الملائکة و قد سجدوا لآدم کلّهم أجمعون.... (فیض الکاشانی، محسن بن شاه مرتضی، نوادر الأخبار فيما يتعلق بأصول الدين‏، 131)

و أما المصداق الثانی: فی بعض البلاد قد تقام مراسم توجب التفرقة، کسبّ و شتم رؤوس بعض الفرق و الحال إن القرآن لا یسمح أن یسبّ حتی الأوثان. قال الله عز و جل:

وَ لا تَسُبُّوا الَّذينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ کَذلِکَ زَيَّنَّا لِکُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما کانُوا يَعْمَلُون‏. (الأنعام، 108)

فهذا العمل الشنیع لا یفید الدین بل یکون کحجة بید الأعداء لهدم الدین. اذکر لکم مثالا قرآنیا حتی یتوضح هذا أکثر.

نقرأ فی قصة النبی یوسف علی نبینا و آله و علیه السلام أن إخوة یوسف لما قالوا:

يَأَبَانَا مَا لَکَ لَا تَأْمَنَّا عَلىَ‏ يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ. أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ وَ إِنَّا لَهُ لَحَفِظُون‏. قَالَ إِنىّ‏ِ لَيَحْزُنُنىِ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَ أَخَافُ أَن يَأْکُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنتُمْ عَنْهُ غَفِلُون‏.  (یوسف، 11-13)

و جاء فی بعض الروایات أن إخوة یوسف عندما سمعوا کلام ابیهم تآمروا ملهما من کلام ابیهم. فبعد ان القوا یوسف علیه السلام فی غیابات الجب، رجعوا الی ابیهم و قالوا:

يَأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَ تَرَکْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَکَلَهُ الذِّئْبُ  وَ مَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَ لَوْ کُنَّا صَادِقِين‏. (یوسف، 17)

من الأمور التی ینبغی ان نتوجه الیها، الإسراف. فی أی نظام، أو مدرسة أو جامعة اذا ارتکب الرئیس خطأ، فالذین یعملون تحته، یرتکبون ذلک الخطأ أکثر. الاسراف فی استعمال الماء و البرق و غیرها من الأشیاء اذا ارتکبها رئیس المجموعة فالآخرون یرتکبونه أکثر.

کان شخص یتوضؤ من نهر، و اثناء التوضؤ اسرف فی استعمال الماء. فقال النبی صلی الله علیه و آله و سلم، الاسراف مذموم و لو کنتم بجانب نهر. فالاسراف من الکبائر.

و کذلک لو لم یحضر رئیس المجموعة لصلاة الجماعة، أو کان غیر منظم، او استعمل بیت المال للأمور الشخصیة و ... فهذا سوف یکون حجة للذین تحته لیرتکبوا هذه الأخطاء أکثر. لأن الناس علی دین ملوکهم. و قال أمیر المؤمنین علیه السلام:

النَّاسُ بِأُمَرَائِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِمْ. (المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، 75/46)

و أما المصداق الآخر: فهو عدم رعایة مقتضی الوحدة من قبل بعض الإخوة الشیعة. جمیع فقهائنا یأمرون بحفظ الوحدة بین المسلمین، فاذا ذهبنا مثلا الی مکة أو مدینة فینبغی ان نصلی مع أهل السنة حفظا للوحدة. و کذلک اذا لم یمکن السجود علی التربة، فلا بأس، و یجوز السجود علی غیر التربة ایضا فی هذا الحال تقیة و حفظا للوحدة. و لکن مع الأسف، بعض الناس لا یهمهم الوحدة، و لا عمل الفقهاء، انما یعملون کما یشاؤون.

و کذلک عدم الاعتناء بالصلاة فی بعض الجوامع الشیعی اصحبت کحجة لأعداء الشیعة، فهم یقولون انتم الشیعة لا تصلون و لا تعملون بسنة النبی الاکرم صلی الله علیه و آله و سلم. فعلینا ان نعیش کما یأمرنا دیننا حتی نکون لأهل البیت علیهم السلام زینا و لا نکون علیهم شینا. کثیر من إخوتنا الشیعی لا یعرفون تلاوة القرآن فضلا عن درک معانیه. و هذا البعد من القرآن الکریم ادت الی اتهام التشیع بعدم الایمان بهذا القرآن الموجود، او الاعتقاد بتحریف القرآن.

من الأمور الشنیعة التی قد یرتکبها بعض من یدعی أنه من الشیعة، ما قد ارتکبه بعض الناس بین الحرمین فی کربلا فی السنوات الأخیرة. جعلوا قلادة الکلب فی عنقهم و قالوا نحن کلاب الامام الحسین علیه السلام و کلاب ابی الفضل العباس علیه السلام. هذه اعمال جاهلیة و قد توجب التفرقة بین المسلمین. و ایضا تعارض هذه الأعمال غرض و حکمة قیام الامام الحسین علیه السلام. انما قام الامام الحسین علیه السلام لکی یربی الناس انسانا، انسانا ذو عزة و شرف، و کرامة، و لا انسانا ذلیلا لأن الانسان اذا ذُلّ فهو یکون مطیعا للطواغیت.

المصداق الأخیر الذی اردت ذکره هو کشف حجاب بعض الأخوات. و ترک العفة. و هذا ادتهن الی الفساد الأخلاقی. و هذا ایضا یوجب طعن الشیعة.

نسأل الله ان یرزقنا بصیرة کی نصلح اسالیب حیاتنا بحیث لا یکون حجة بأیدی الأعداء علینا. استغفر الله لی و لکم و و نستجیر بالله من شرور انفسنا و من سیّئات أعمالنا. نسأل الله لی و لکم التوفیق و السلامة و العافیة.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.