۱۳۹۸/۴/۲۶   17:21  بازدید:1563     ارشیو خطبات نماز جمعه


2 ذی القعدة 1440ق، الموافق 5  تموز 2019م.

 


الخطبة الاولی للجمعة 14  تیر 1398ش، الموافق 2 ذی القعدة 1440ق، الموافق 5  تموز 2019م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

اوصیکم عباد الله و نفسی بتقوی الله و أن لا نخشی الا ایاه و أن لا ننس أنّ الله سبحانه قادر علی کل شیء و هو ذو إرادة قویة لا یمکن لأحد ان یحول بینه و بین ارادته. و کذلک أوصیکم و نفسی أن نتذکر أننا فی محضر الله عز و جل فی جمیع الاحوال، فهو یرانا و یعلم کلّ ما نعمل، حتی ما یخطر ببالنا.

أبارک لکم مولد أخت الرضا فاطمة المعصومة صلوات الله و سلامه علیها. کذلک ابارک لکم قرب مولد الامام الرضا علیه آلاف التحیة و الثناء.

الیوم سوف أتکلم حول الکسب و التجارة. أسس رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و أهل بیته الطاهرین علیهم السلام للکسب و التجارة ضوابط، یجب ان یراعیها کل تاجر و کاسب. لأن کسب الحلال من الأمور الصعبة جدا، الی أن جاء فی بعض الروایات أنه أصعب من الجهاد مع أعداء الاسلام. من جملة هذه الضوابط، الاجتناب عن المنافع المحرمة فی الکسب و التجارة و الاجتناب من إغلاء الأسعار عند قلة المتاع و انحصاره بیده، و کذلک الغش و التدلیس فی البیع و التجارة و... فجاء فی روایة عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ:

دَعَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ مُصَادِفٌ فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ وَ قَالَ لَهُ تَجَهَّزْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَى مِصْرَ فَإِنَّ عِيَالِي قَدْ کَثُرُوا قَالَ فَجَهَّزَهُ بِمَتَاعٍ وَ خَرَجَ مَعَ التُّجَّارِ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ مِصْرَ اسْتَقْبَلَهُمْ قَافِلَةٌ خَارِجَةٌ مِنْ مِصْرَ فَسَأَلُوا عَنِ الْمَتَاعِ الَّذِي مَعَهُمْ مَا حَالُهُ فِي الْمَدِينَةِ وَ کَانَ مَتَاعَ الْعَامَّةِ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمِصْرَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ فَتَحَالَفُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَى أَنْ لَا يَنْقُصُوا مَتَاعَهُمْ مِنْ رِبْحِ الدِّينَارِ دِينَاراً فَلَمَّا قَبَضُوا أَمْوَالَهُمْ انْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ مُصَادِفٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مَعَهُ کِيسَانِ فِي کُلِّ وَاحِدٍ أَلْفُ دِينَارٍ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاکَ هَذَا رَأْسُ الْمَالِ وَ هَذَا الْآخَرُ رِبْحٌ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ هَذَا الرِّبْحَ کَثِيرٌ وَ لَکِنْ مَا صَنَعْتُمْ بِالْمَتَاعِ فَحَدَّثَهُ کَيْفَ صَنَعُوا وَ کَيْفَ تَحَالَفُوا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَحْلِفُونَ عَلَى قَوْمٍ مُسْلِمِينَ لَا تَبِيعُونَهُمْ إِلَّا بِرِبْحِ الدِّينَارِ دِينَاراً ثُمَّ أَخَذَ الْکِيسَ ثُمَّ قَالَ هَذَا رَأْسُ مَالِي وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي هَذَا الرِّبْحِ ثُمَّ قَالَ يَا مُصَادِفُ مُجَالَدَةُ السُّيُوفِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ. (الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 10/50)

نستنتج من هذه الروایة، أن إغلاء الأسعار لقلة المتاع و حاجة الناس الیه، أمر غیر ممدوح عند الله سبحانه و تعالی و لهذا نری الامام الصادق علیه السلام، لم یأخذ الربح الذی کسبه مصادف بإغلاء السعر مع قلة المتاع و حاجة الناس الیها. و قال علیه السلام بصراحة أن التحالف علی المسلمین لإغلاء المتاع، لا یجوز.

و لکن مع الأسف الشدید، نری الناس هذه الأیام، یدعون أنهم یحبون أهل البیت علیهم السلام و أنّهم من أتباعهم، مع أنهم یأکلون الارباح من هذا القبیل. و جدیر بالذکر أن کثیرا من التجار، لم یتعلموا أحکام التجارة و قواعدها و ضوابها التی أسسها الدین الاسلام، و یظنّون أنهم لا یحتاجون الیها، و بالنتیجة یعتقدون أنه کیفما کسبوا المال، لا یکون فیه اشکال من ناحیة الشریعة الاسلامیة. و لکن هذا أمر عجیب، لأن الاسلام العزیز له أحکام فی جمیع شؤون حیاتنا، و من جملتها الکسب و التجارة. و نری کثیرا من الکاسبین لا یعلمون الأحکام البدویة للحلال و الحرام، و أسوء من هذا أنه لا یهمّهم هذا و لا یهتمون بها.

جاء فی روایة قیّمة عن الامام موسی بن جعفر علیهما السلام أوصانا بأربع، الأولی منها أن لا نکسب المال الا من الحلال. و هذا معناه أنه لا حدّ لکسب الحلال قدرا. و انما یلزم ان یکسب من الحلال، و یجتنب عن الکسب الحرام. قال الله سبحانه و تعالی:

کُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناکُمْ وَ لا تَطْغَوْا فيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْکُمْ غَضَبي‏ وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبي‏ فَقَدْ هَوى‏. (طه، 81)

إنّ للمال الحرام آثار سیّئة عظیمة فی هذه الدنیا و فی الآخرة، و لکنی الآن لا أتکلم عن آثار الحرام الدنیویة، بل أرید أن أشیر الی ما یستفاد من الآیات و الروایات، أن المال المحرّم باب الی النار. فکل من أکله، إنما یقرب نفسه من النار. و من مشی فی طریق کسب الحرام، لا یُغفر الا ان یرزقه الله توفیق التوبة و توفیق أن یُرجِع جمیع ما کسب من الحرام الی صاحبه.

الوصیة الثانیة التی أوصانا بها الامام موسی بن جعفر علیهما السلام، هی تجنب البخل. لأن المال الذی اکتسب من الحلال، لو لم ینفق، فهذا ایضا باب الی النار. قال الله سبحانه و تعالی:

وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لِلَّهِ ميراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبيرٌ. (آل عمران، 180)

و قال تعالی فی آیة أخری:

الَّذينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعينَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ فِي الصَّدَقاتِ وَ الَّذينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَليم‏. (التوبة، 79)

و أیضا قال تعالی: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَ يَتَرَبَّصُ بِکُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ. (التوبة، 98)

فلا ینبغی ان یبخل المؤمن بما آتاه الله من الرزق الحلال. و البخل فیما أعطاه الله یسوقه الی النار.

الوصیة الثالثة التی أوصانا بها الامام موسی بن جعفر علیهما السلام، هی أن یصرف المال فی انسب موارده. فینبغی ان یصرف ماله الذی کسبه من الحلال لرفاهیة عائلته، و یریحهم. و أوصی النبی الأکرم صلی الله علیه و آله و سلم أن نهیّأ لأنفسنا مسکنا و ملبوسا و مرکبا. و ما ذا نحتاج غیر هذه؟! حوائج الاساسیة للحیاة المادیة للإنسان، تنحصر فی اربعة و هی البیت و الملابس و المرکب و الطعام.

المراد من المرکب فی زماننا هذا، هو السیارات، و لکن لا یحتاج جسدنا المادی سیارة بقیمة ملیارات دولار. عندما وُلدنا جعلونا فی المهد، و ذلک کان مرکب یومنا الاول، و مرکب یومنا الأخیر هو التابوت. و کلا هذین المرکبین لا نختارهما لأنفسنا، و انما یختارهما لنا غیرنا. و بین هذین المرکبین، نحتاج الی مرکب آخر، ینقل جسدنا المادی من مکان الی آخر، فلا ینبغی ان نسرف فی اشتراء المرکب، و یلزم ان نراعی الاعتدال.

بعد أن قضینا حوائجنا و حوائج عائلتنا، تصل النوبة الی الطبقة الثانیة من ذی القربی. فلو احتاجوا الی شیء و انت استطعت ان تقضی حاجتهم، فعلیک ان تفعل هذا. ثم غیرهم من المستحقین. فقال الله تعالی:

وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساکينَ وَ ابْنَ السَّبيلِ وَ السَّائِلينَ وَ فِي الرِّقاب‏. (البقرة، 177)

فی هذه الآیة ذکرت مراتب من له حق علیک، فلو انفقت علی ذوی القربی و لم یبق لک شیئ، فلیس علیک شیء.

و أما الوصیة الرابعة، فهی أن لا تصرف المال فی المعصیة. فمن صرف ماله فی الحرام فسوف یحاسبه الله حسابا شدیدا یوم القیامة. فلنحذر أن نصرف المال لتخریب الدین، أو فی غیر سبیل الله، الذی هو سبیل المعصیة و الطغیان. لأن هذا یوجب ان نُحاسَب حسابا شدیدا یوم القیامة. قال الله سبحانه:

وَ کَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَديداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُکْرا. (الطلاق، 8)

فمن راعی هذه الوصایا الاربعة فی کسب الاموال و صرفه، فهذا سوف یجعله أن یرحمه الله تعالی و یغفره. فالمال الذی یمکن أن یوصلنا الی هذا الفوز العظیم، یجب ان نحفظه و لا نلوّثه بالحرام.

یمکن أن یسأل أحد: أنا اراعی جمیع هذه الوصایا الاربعة فی الاموال، لا اکسب المال الا من الحلال، و لا ابخل فی صرفه فیما أمر الله به أن یصرف فیه، و اصرف المال فی انسب موارد صرفه، و لا اصرفه فی المعصیة و فی غیر سبیل الله، فهل بقی شیء یجب ان اراعیه فی الاموال؟ و الجواب: نعم! بقی نکتتان یجب ان نراعیهما فی الاموال، و سوف اذکرهما فی الخطبة المقبلة ان شاء الله.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.

الخطبة الثانیة للجمعة 14  تیر 1398ش، الموافق 2 ذی القعدة 1440ق، الموافق 5  تموز 2019م.

بسم الله الرحمن الرحیم.

اوصیکم عباد الله و نفسی بتقوی الله.

تکلمنا فی الخطبة الأولی حول الکسب و التجارة فی ضوء آیات القرآن الکریم، و ذکرنا فیها بعض المطالب حول الکسب. و وصل بنا الکلام الی نکتتین، الأولی منهما أن نؤدی خمس الأموال. لأن من لم یؤد خمس الأموال التی تعلق بها الخمس، فهو سوف یؤاخذ یوم القیامة. قال الله سبحانه و تعالی:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساکينِ وَ ابْنِ السَّبيلِ إِنْ کُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى‏ عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى‏ کُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ. (الأنفال، 41)

و الثانی، أننا اذا انفقنا علی أحد شیئا من المال، فلا نمنّ علیه بما أنفقنا علیه. لأنّ هذا مفتاح الفلاح و النجاح. فلو رأیتم أحدا یحتاج الی المساعدة المالیة، فأردتم أن تساعدوه، فحاولوا ان یکون هذا مخفیا، حتی یحفظ ماء وجهه. و لا ینبغی أن نمنّ علیه بمساعدتنا ایاه مهما وجدناه. قال الله عز و جل:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‏ کَالَّذي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَکَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ مِمَّا کَسَبُوا وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْکافِرين‏. (البقرة، 264)

هذا اجمال ما ینبغی ان نتنبه الیه و نراعیه فی باب الکسب و التجارة. و أما مولد سیدتنا فاطمة المعصومة بنت موسی بن جعفر علیها و علی ابیها آلاف التحیة و الثناء، فأرید أن أتکلم باختصار حوله.

من فحول علماء الشیعة شخص اسمه العلامة السید محمد حسین الطباطبائی. له دورة تفسیر کاملة للقرآن الکریم، هو ربّی تلامیذ کثیرة فی مکتب أهل البیت علیهم السلام، و قبره فی حرم السیدة فاطمة المعصومة سلام الله علیها، له منزلة رفیعة عند العلماء، و کان عاملا مرهقا الی أنه عندما ذُهب به الی المستشفاة أواخر عمره الشریف، قال الأطباء، إنّ دماغه قد عمل مقدار سبع مأة سنة، و قد انفتحت جمیع شرایینه، فهو غیر قابل للعلاج. قال آیة الله کشمیری: أنی رأیت فی المنام أن الامام الرضا علیه السلام قد استشهد، و أنا أشیّع جنازته. و بعد ان استیقظت من النوم، تحیّرت فی تعبیر رؤیای التی رأیته، و بعد بضع ساعات أُخبرت أنّ العلامة الطباطبائی قد توفی، و فهمت أن تعبیر رؤیای هو هذا.

کان العلامة الشهید مرتضی المطهری یقول: أنا کلما اذکر العلامة الطباطبائی، اقول «ارواحنا له الفداء». هذا مع أننا نستخدم هذه العبارة لأهل البیت علیهم السلام. فسُأل العلامة الشهید المطهری: لماذا تستخدم هذه العبارة للعلامة الطباطبائی؟ فأجاب: أنا استخدم هذه العبارة للعلامة الطباطبائی لا لأنه فیلسوف قوی، و لا لأنه قوی فی المعقول و المنقول، و انما استخدم له هذه العبارة لأنه کان یحبّ النبی صلی الله علیه و آله و سلم و أهل بیته علیهم السلام حبّا شدیدا.

ما هو الذی أوصل العلامة الطباطبائی الی ذلک المرتبة الرفیعة؟ لم یکن هذا الا لنظرة خاصة من أهل البیت علیهم السلام. کان العلامة یحبّ أهل البیت علیهم السلام حبّا شدیدا، و کان من عادته، أنه کان یفطر صوم شهر رمضان بتقبیل ضریح فاطمة المعصومة صلوات الله و سلامه علیها. و ایضا کان من عادته أنه کان یأتی من بیته الی زیارة فاطمة المعصومة ماشیا، مع کبر سنّه و ضعف بدنه. و هذا من برکات زیارة فاطمة المعصومة صلوات الله علیها، أن محبّتها یرفع الانسان الی مرتبة تتحیر العقول فیها.

و اذا کان مرتبة زیارتها هذا، فما أعظم مرتبتها نفسها. و ایضا یکشف عن المنزلة الرفیعة لفاطمة المعصومة صلوات الله علیها ، أنه لم یرد زیارة مستقلة لغیر المعصومین لا لأولادهم و لا لغیر أولادهم، الا اربعة منهم، الاول منهم، ابو الفضل العباس قمر بنی هاشم، و الثانی علی الاکبر بن الحسین بن علی علیهم السلام، و الثالث، شهداء کربلاء، و الرابع، فاطمة المعصومة صلوات الله علیها. و هذا یکشف عن منزلتها الرفیعة.

جاء فی آخر زیارتها: اللهم انی أسألک ان تختم لی بالسعادة فلا تسلب منی ما انا فیه. نسأل الله بفاطمة المعصومة فی زیارتها، لأن هذا من اکبر الأدعیة. لأن کثیرا من الناس یؤمنون بالله و بکل ما جاء به النبی صلی الله علیه و آله و سلم من عند الله، و لکنهم یموتون میتة کفر و نفاق، فهؤلاء کإبلیس، هو عبد الله ستة آلاف سنة، و لکنه لم یُختَم بالسعادة، لأنه ابی عن اطاعة أمر الله سبحانه و تعالی و لم یسجد. فهو الذی عبد الله ستة آلاف سنة و لا نعلم أن هذه السنوات دنیویة التی 365 یوما، أو هی سنوات أخرویة التی کل یوم منها یعادل خمسین الف عام هذه الدنیا. فالشیطان بکل هذه العبادات، خُتم بالشر، لأنه ابی و استکبر.

أرید ان اشیر الی بعض اسباب العاقبة بالخیر. منها رعایة التقوی. قال الله عز و جلّ:

وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏. (البقرة، 197)

و قال أمیر المؤمنین علی ابن ابی طالب علیه السلام فی وصایاه للحسن و الحسین علیهما السلام: ً أُوصِيکُمَا وَ جَمِيعَ وَلَدِي وَ أَهْلِي وَ مَنْ بَلَغَهُ کِتَابِي بِتَقْوَى اللَّه‏... (نهج البلاغة، الوصیة 47)

فالتقوی و ترک المعاصی هو السبب الأساسی للختام بالسعادة، و أکثر ما یصیبنا من الشرّ، مردّه الی الذنوب. فلذا السبب الاول هو التقوی و ترک الذنوب.

السبب الثانی هو تحکیم و تثبیت الاعتقادات. و السبب الثالث أن نسأل الله ان یختمنا بالسعادة. و هذا قد ورد فی کثیر من أدعیة أهل البیت علیهم السلام.

السبب الرابع للختام بالخیر، هو خدمة الخلق لا سیما الوالدین.

جاء رجل الی النبی صلی الله علیه و آله و سلم و قال: یا رسول الله! أنی لم أجد ذنبا من الذنوب الا ارتکبته، فهل لی سبیل الی المغفرة؟ فقال له النبی صلی الله علیه و آله و سلم: ابواک حیّان؟ قال: أمی قد ماتت، و لکن أبی حیّ. فقال له النبی صلی الله علیه و آله و سلم: اذهب و اخدم والدک، سیغفرک الله. و بعد أن ذهب ذلک الرجل، قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم لأصحابه: یا لیت أمه کانت حیّة، (فکان الأمر له أهون)

کان العلماء الفحول و من جملتهم العلامة الشهید المطهری یقولون: کل ما وصلنا الیه، لخدمة والدینا. و الخدمة تنقسم الی اقسام، منها الخدمة الجسدیة و الخدمة المالیة و .... فینبغی ان یخدم الانسان والدیه بجمیع انواع الخدمة. قال الله سبحانه و تعالی: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. (النساء، 36)

آیة الله المرعشی النجفی الذی اعطاه الله علم الانساب، فکلما کان یرأی شخصا، یعرف نسبه. فسألوه: کیف وصلت الی هذه المرتبة؟ قال: فی یوم من الأیام، قالت لی أمی: أدع أباک. فعندما ذهبت لأدعو أبی، رأیته قد نام علی الکتب. فتحیّرت ماذا أفعل، لأنه من جهة، أمرتنی أمی أن أدعو أبی و امتثال امرها واجب، و من جهة أخری کان أبی نائما و لم أحبّ أن أوذیه. فانحنیت و قبّلت قدمیه، فاستیقظ ابی، و رآنی أقبل قدمیه، فرفع یدیه و دعا لی: أعطاک الله منزلة رفیعة عنده و عند أهل البیت علیهم السلام. فکل ما وصلت الیه، کان لدعاء أبی ذاک.

و السبب الأخیر، هو حبّ أهل البیت علیهم السلام. و هو کما جاء فی الروایات، جواز العبور عن الصراط. و علی روایة عن النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم، حبّ أهل البیت علیهم السلام ینصرنا فی جمیع المواقف.

أسأل الله أن یختمنا جمیعا بالسعادة و الخیر و ان یعجّل فی فرج مولانا صاحب العصر و الزمان ارواحنا له الفداء.

اللهم صل علی محمد و آل محمد، اللهم نسألک و ندعوک، بمحمد و علی و فاطمة و الحسن و الحسین صلواتک علیهم و الائمة المعصومین من ذریة الحسین علیه السلام، و باسمک العظیم الاعظم الأعز الأجل الاکرم، یا الله. اللهم اجعلنا مع محمد و آل محمد فی الدنیا و الآخرة، و توفنا علی ملتهم، و ارزقنا شفاعتهم، و زد فی قلوبنا محبتهم، و لا تفرق بیننا و بینهم، اللهم العن اعدائهم، اللهم وفقنا لما تحب و ترضی، اللهم اقض حوائج المؤمنین، اللهم اشف مرضی المسلمین، و أدّ دیونهم، و سلّم المسافرین منهم، و اغفر لموتاهم، اللهم اشغل الظالمین بالظالمین، و اجعلنا من بینهم سالمین، و احفظ حماة الدین، و أید المروجین، و اجعلنا منهم، اللهم انصر الاسلام و أهل و اخذل الکفر و النفاق و أهله، اللهم انصر جیوش المسلمین، اللهم ارحم زعیم المسلمین، اللهم أید و ثبت قائد المسلمین، اللهم لا تجعل مصیبتنا فی دیننا، اللهم لا تجعل الدنیا أکبر همّنا، و لا مبلغ علمنا، و لا تسلط علینا من لا یرحمنا، یا ولی العافیة، نسألک العافیة و تمام العافیة، و دوام العافیة و الشکر علی العافیة، عافیة الدنیا و الآخرة، اللهم ارزقنا فی الدنیا زیارة الحسین و فی الآخرة شفاعة الحسین، اللهم اجعل عواقب أمورنا خیرا. اللهم عجّل لولیک الفرج، و العافیة و النصر، و اجعلنا من خیر انصاره و اعوانه و شیعته و المستشهدین بین یدیه بمنّک و جودک و کرمک یا ارحم الراحمین.

اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.