الخطبة الاولی للجمعة 6 اردیبهشت 1398ش، الموافق 20 شعبان 1440ق، الموافق 26 ابریل 2019م.
بسم الله الرحمن الرحیم.
عباد الله! اوصیکم و نفسی بتقوی الله. کلمة التقوی قد جاء فی القرآن الکریم بصیغ شتی، و هذا یکشف عن أهمیتها. و جاء هذه الکلمة بصیغها المختلفة فی القرآن الکریم قریبا من 2400 مرة. منها ما قال تعالی:
«اتَّقُوا رَبَّکُمُ» (النساء، 1)؛ «وَ اتَّقُوا اللَّه» (البقرة، 189) و الصیغ الأخری من هذا القبیل، فکل هذه العبارات تکشف عن أهمیة التقوی عند الله سبحانه و تعالی. و من جملة هذه الآیات ما یدل علی أهمیة التقوی فی التعامل مع الأسرة. منها: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَکُمْ وَ أَهْليکُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ. (التحریم، 6)
و منها: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذي خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً کَثيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ کانَ عَلَيْکُمْ رَقيباً. (النساء، 1)
الآیات من هذا القبیل تکشف عن أهمیة التقوی بالنسبة للعائلة و توصینا برعایتها.
ذکرنا فی الأسابیع الماضیة، بعض المطالب حول التقوی بالنسبة للعائلة. و قلنا فی هذا المجال إن الطریق الوحید للفلاح و النجاح و الصمیمیة و الاطمئنان فی مجال العائلة و لا سیما الزوجین، هو رعایة التقوی فی التعامل مع العائلة. و ایضا قلنا إن اول خطوة الی معرفة أنه کیف نستطیع ان نراعی التقوی فی التعامل مع الأسرة، هی معرفة ممیزات الرجل و المرأة. و لهذا تکلمنا فی خطبة مستقلة حول ممیزات الرجال و النساء، و بینّنا أن الله سبحانه و تعالی قد خلق و فطر الرجال و النساء علی ممیزات تختص بکل واحد منهما. و هذه الممیزات قد اوجدت فوارق بین الرجال و النساء و بین حوائجهم الأصلیة و الرئیسیة. و هذه الفوارق هی التی تبتنی علیها الحیاة، لأنها فی عین أنه تقضی حاجة قرینه، تطلب حاجة من قرینه. و هذه الحوائج الرئیسیة هی التی تحرک الحیاة و تقودها. و هذه الفوارق بین الرجال و النساء لازمة لحیاة متکاملة، و قد ذکرنا لکم روایة عن أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام التی ذکر فیها حکمة هذه الفوارق و المیزات، فقال علیه السلام:
لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تَفَاوَتُوا فَإِذَا اسْتَوَوْا هَلَکُوا. (ابن بابويه، محمد بن على، عيون أخبار الرضا عليه السلام، 2/53)
فهذه الفوارق هی التی تنجینا من الهلکة. فهذه الفوارق هی التی توجب أن تتحرک الحیاة، و قد جعل الله سبحانه هذه الممیزات فی الرجال و النساء حتی تتشکل الحیاة و یؤدی کل واحد من الرجال و النساء وظیفته. و ایضا جعلت هذه الفوارق حتی توجد فی کل واحد منهما ممیزات تساعدهما علی اداء وظیفته. و من حیث أن النساء هی موظفات بتأمین الحوائج المعنویة للاولاد، فقد أعطاهنّ الله ممیزات تساعدهنّ علی اداء هذه الوظیفة، و کذلک اعطی الله سبحانه الرجال ممیزات تساعدهم علی اداء وظیفتهم. و من حیث أنهم موظفون بتجهیز الحوائج المادیة للاولاد، فهباهم الله ممیزات تساعدهم علی اداء هذه الوظیفة. فجعل هذه الممیزات فی کل واحد من الرجال و النساء لحکمة قد اشیر الیها. و من هنا نعرف جواب سؤال من یسأل: لماذا یخلق الله سبحانه بعض الناس رجلا و بعضهم الآخر إمرة؟ أو یسأل: لماذا انا خلقت رجلا، أو إمرأة؟ و الجواب کما بیّننا، أن فی خلق بعضهم رجلا و بعضهم الآخر إمرأة، حکمة. فقال شاعر:
بی سبب خود را مرنجان از قضا نتوان گریخت
نوش جان کنی حق در پیاله هر چه ریخت
ای: لا تؤذی نفسک، لأنه لا فرار عن القضاء، فاشرب أیّ ما أعطاک الحق سبحانه و تعالی.
ففی ما خلق الله سبحانه بعض الناس رجالا بممیزات رجالیة و بعضهم نساء بممیزات نسوانیة، حکمة. و بعد ذکر الممیزات قلنا أن هذه الممیزات قد أوجدت حوائج فی ذویها. و ینبغی ان تُقضی هذه الحوائج من الطرف المقابل، أی ینبغی ان تقضی حوائج الرجال من قبل النساء و حوائج النساء من قبل الرجال. و قد ذکرنا فی الخطبة السابقة فی ذیل بیان حوائج الرجال، أن من حوائج الرجال أن یُعتمد علی قوته، و قد ذکرنا فی هذا المجال بعض المطالب. فعلی النساء ان یلتفتن الی ان لا یزلزلن بنیة عائلتهنّ بطعن الرجال و انکار قوتهم و عدم الاعتماد علیهم. و علیهنّ ان لا یستخدمن عبارات ک«أنک ضعیف» أو «أنک قطیع الهمة» أو «أنک لا تستطیع ان تفعل شیئا» و .... علیکنّ ان توصین أولادکنّ: إذا کان عندک مشکلة فیمکنک ان تقول لابیک، لانه یستطیع ان یحل مشکلتک، و... فهکذا یُظهرن اعتمادهن علی زوجهن فی أمور الحیاة.
لو سمحتمونی اقول لکم جملة بین الهلالین: حاولوا ان تربوا ابنائکم اقویاء، حتی أنه اذا تزوج فی المستقبل فلا تقول له امرأته «أنک ضعیف» أو «أنک قطیع الهمة» أو «أنک لا تستطیع ان تفعل شیئا» و .... فعلینا ان نربی ابنائنا هکذا، حتی لا یواجهوا المشاکل فی المستقبل.
و قلنا فی حوائج النساء، أنهن یحتجن الی التوجه و المحبة. و ذکرنا لکم روایة:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ إِنِّي أُحِبُّکِ لَا يَذْهَبُ مِنْ قَلْبِهَا أَبَداً. (کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 5/569)
فهذه الروایة تأمر الرجال ان یقضوا حاجة زوجتهم العاطفیة.
و قلنا ان الضرورة الثانیة للرجال هی قبول اقتدارهم من قبل زوجاتهم. اخوانی! الاقتدار یختلف عن القوة و الاستطاعة. المراد من الاقتدار هو القیادة، و الولایة. و قد اوصینا بأن تقبل الزوجة ولایة زوجها و قیادته. هذا الاقتدار ناشئ من ممیزات الرجال الفطریة التی جعل الله سبحانه فیهم. و ایضا قلنا ان من ممیزات الرجال السلطة. لماذا؟ لأنه موظف بتأمین و تحصیل ضرورات العائلة المادیة. فعلیه ان یعمل حتی یکسب، لانه یحتاج الی هذا لقضاء حوائج عائلته، فعلی زوجته ان تقبل منه هذا الاقتدار. فلو لم تقبل فکأنها قد کسرت أعمدة الحیاة. کیف یُحفظ هذا الاقتدار؟ طریق حفظ هذا الاقتدار للرجال ان یستأذن الإمرة زوجها فی جمیع امور حیاتها، و هذا قد بُیّن فی الاحکام الشرعیة ایضا. فلا یجوز لها ان یعمل عملا من دون اذن زوجها. انا لا ارید الاعمال البسیطة فی الحیاة، و انما المراد الاعمال التی یهم فیها رأی الزوج. مثلا لو ارادت ان تتصدق، فعلیها ان تستأذن زوجها، لو ارادت ان تنذر، فعلیها ان تستأذن و... و ها هنا قد یقول البعض: عفوا مولای! أ لیس هذا تحدیدا للنساء؟ ألیس هذا بمعنی استثمار إمرأة البیت؟ کلا! هذا لیس بهذا المعنی، و انما هذا سوء التفاهم. و سوف یتضح هذا عندما ابین وظائف الرجال قبال النساء، و بماذا یأمر الاسلام الرجل اذا استأذنته زوجته؟ و علی کل حال ینبغی ان تستأذن الزوجة زوجها فی جمیع الامور الهامة.
جاءت الیّ إمرأة و قالت: أنا اعین بعض الفقراء من دون ان یعرف زوجی لأنی أعلم أن زوجی لن یرضی بهذا. ارید ان اعین المستحقین و المحتاجین، و المستضعفین و... و اذا أخبرت زوجی فهو لا یرضی بهذا، أ عملی هذا صحیح أم لا؟
قلت له: کلا! هذا العمل لیس صحیحا. قال: لم لا یکون هذا العمل صحیحا و انا اعمل عملا انسانیا. قلت: إن زوجک لیس راضیا کما قلت، و هذا سوف یضرک. علیک ان تستأذنی زوجک لإعانة الآخرین. و من هنا نفهم أن الرجل اذا رأی ان زوجته تستأذنه فی أمور الحیاة فیری اقتداره محفوظا. و قد أکد الاسلام علی ان تستأذن النساء ازواجهنّ و هذا لیس مجرد تأکید بل واجب علی النساء ان یستأذنّ. فلو لم یستأذنّ فیتزلزل أعمدة الحیاة. و لهذا نری فی القرآن الکریم:
الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّه... (النساء، 34)
فجعل الله سبحانه الرجال قوامین علی النساء و جعلهم أولیاء النساء لأنهم موظفون بتهیئة ضراتهنّ المادیة. فلو وجدتم أن رجلا من رجال لا یؤدی وظیفته و لا یحاول ان یقضی حوائج عائلته، فاعرفوا أن هذا نتیجة أن اقتداره قد کسر من قبل من کان علیه واجبا ان یقبل اقتداره و ولایته. فالرجل یحسب نفسه مسؤولا بالنسبة لقضاء حوائج العائلة و لا سیما الزوجة اذا قُبل اقتداره من قبل زوجته و عائلته. فالعبارات من قبیل «لا یعجبنی ان استأذنک» أو «لا أری لازما ان أستأذنک» أو «أنا ایضا عاقلة فاستطیع ان اصمم» أو «أنا ایضا انسان فأستطیع ان افهم من دون ان اشاورک او استأذنک» أو «لا حاجة لی الی اذنک» و ....، مضرة جدا، لانها تزلزل الحیاة تزلزلا.
فلذا عناد بعض النساء، و عدم استشارتهن مع زوجهن، و اختفائهنّ و الأمور من هذا القبیل، توجب تزلزل نظام العائلة. و هاهنا قد یطرح السؤال: أ و لیس هذا بمعنی استعباد المرأة؟ کلا! هذا لیس بهذا المعنی، لأنه لم یرد فی تعالیم القرآن الکریم و السنة الشریفة، أن المرأة اذا استأذنت زوجها، فله ان لا یأذنها. و انما العکس قد ورد. فنری فی روایة عن الامام الرضا علیه الصلاة و السلام:
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ کَيْلَا يَتَمَنَّوْا مَوْتَه... (کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 7/231)
فلا یجوز للرجل ان یظلم عیاله، و یحدده. فلو أمر الاسلام الزوجة ان تستأذن زوجها، فقد أمر الزوج ایضا ان یوسّع علیها.
فالتوجه الی هذه المیزة لازم و ضروری، و علی النساء ان یتنبهن الی هذا و ان یحاولن قضاء هذه الحاجة لزوجهنّ. فجاء فی روایة عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ:
جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله و سلم: فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَهَا أَنْ تُطِيعَهُ وَ لَا تَعْصِيَهُ وَ لَا تَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لَا تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَ إِنْ کَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ وَ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ إِنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَعَنَتْهَا مَلَائِکَةُ السَّمَاءِ وَ مَلَائِکَةُ الْأَرْضِ وَ مَلَائِکَةُ الْغَضَبِ وَ مَلَائِکَةُ الرَّحْمَةِ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهَا. (کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 11/161)
فلو تأملنا نفهم أن جمیع هذه لحفظ ولایة الرجل فی البیت. فلذا عناد المرأة من أشد المضرات فی الحیاة. و لو تعدی هذا العناد الی الأولاد فهؤلاء ایضا سوف لا یطیعون اباهم. و اذا رأی الاطفال ان أمهم لا تراعی ولایة ابیهم فهم لا یطیعون أمهم ایضا، و بالنتیجة بنایة العائلة سوف یتخرب. فعلی هذا یمکننا ان نستنتج ان حفظ ولایة الرجل فی البیت و حکومته لازم لحفظ عمارة العائلة.
و أما حاجة النساء الثانیة التی یجب علی الرجال قضائها، فأرید ان اتکلم الیوم فی هذه الخطبة عن ضرورة النساء الی الدفاع و الحمایة من قبل الزوج.
المرأة تحتاج الی الحمایة. هی ترید ان تَعرفها و تُدرِکها بصورة کاملة، و ان تعرف کل ما تتوقع عنک، و تحاول ان تعطیها ما تتوقع عنک. فهی عندما تبتلی بمشکلة فتلجأ الیک، و علیک ان تحفظها و تدافع عنها، و هذا لیس الا لان من ممیزاتها الإتکاء علی الغیر بخلاف الرجال فهم مستقلون. فهی تحتاج الی العون فی المشاکل و البلایا و علی الرجل ان یحمیها و ان یخطو خطوة لحل مشاکلها. فلذا ینبغی علینا ان نهیئ جمیع ما یحتاج الیه زوجاتنا لو استطعنا. و ایضا ینبغی ان نتعامل معهنّ بحیث یحسسن بالأمن و الراحة. و لماذا ینبغی ان نفعل کل هذا؟ لأن من ممیزات النساء طلب الأمن و الراحة و الاتکاء علی أولیائهنّ. فهنّ یحتجن الی الأمن و الراحة حتی یستطعن ان تربی اطفالا تربیة مطلوبة. فینبغی ان تحس بالأمن من الجهة الاقتصادیة و من الجهات الأخری، فلذا لا ینبغی ان نتکلم دائما عن المشاکل الاقتصادیة و بهذه العلة نرفض کل ما ترید، نعم صحیح ان نوضح لها أوضاع الحیاة و مشاکلها، حتی لا تطوّل آمالها، و لا تسرف. و لکن ینبغی ان لا یکون هذا دائمیا، لأنه لو تکلمنا دائما عن الحرمان و الفقدان، و المشاکل و البلایا و صعوبة الاوضاع فهذا سوف یؤدی الی اضرار حس الأمن فیها، و بالنتیجة هی لا تستیطع ان تربی الاطفال بصورة جیدة. فیجب ان یکون الأمر بین الأمرین من دون افراط و لا تفریط. و علینا ان نوسع علیهنّ مهما استطعنا، کما رأینا فی حدیث الامام الرضا علیه السلام:
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ کَيْلَا يَتَمَنَّوْا مَوْتَه. (کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 7/231)
بعض الرجال یضیقون علی عیالهم الی ان عیالهم یتمنی موتهم. و لهذا أمرنا الامام الرضا علیه السلام ان لا نتعامل مع العیال علی وجه یتمنون موتنا. النساء فی بعض الاحیان یُردن ان یری زوجهنّ من عیونهنّ، و یعرف ما یحتجن الیه فی الحیاة. فمن ممیزات النساء أنهن یحببن النظم و الحُسن، فهی ترید ان تعیش عزیزة و حسینة، هی ترید ان تکون الاشیاء علی وجه هی ترید. و هذا لیس الا لان الله سبحانه و تعالی قد خلقها کذلک. فلذا یجب ان یعرفها زوجها، و ینظم الحیاة کما ترید، و لکن کما قلت هذا لیس بمعنی الاسراف و انما المراد الشیئ المتعادل و المتعارف. قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَتَّرَ عَلَى عِيَالِهِ. (ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، 1/255)
فالنبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم ایضا امرنا ان نوسع علی عیالنا قدر ما استطعنا. فحاولوا ان تحس المرأة بالأمن و الاطمئنان و الراحة.
و من ممیزات النساء الأخری الحیاء. و هذا من ممیزاتها الذاتیة، فهن یتنبهن الی ما تقتضی حیائهنّ، و یحاولن ان یراعینها، فلا تضیقوا علیهنّ و لا تنبهوهنّ لغیرة فی غیر محله و لا تأمروهنّ ان یراعین ما تقتضی الحیاء لمجرد الظن أو الوهم، لأنها اذا حسّت بالتنبیهات اللا موردیة و الضیق المفرط فهذا یضر اطمئنانها. جاء فی روایة عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ:
إِنَّ أَميِرَ الْمُؤْمنِيِنَ علیه السلام کَتَبَ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى الْحَسَنِ علیه السلام إِيَّاکَ وَ التَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْغَيْرَةِ فَإِنَّ ذَلِکَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ مِنْهُنَّ إِلَى السَّقَمِ وَ لَکِنْ أَحْکِمْ أَمْرَهُنَّ فَإِنْ رَأَيْتَ عَيْباً فَعَجِّلِ النَّکِيرَ عَلَى الصَّغِيرِ وَ الْکَبِيرِ فَإِنْ تَعَيَّنْتَ مِنْهُنَّ الرَّيْبَ فَيُعَظَّمُ الذَّنْبُ وَ يُهَوَّنُ الْعَتْبُ. کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 11/243)
فالمرأة تحتاج الی ان تدرکها زوجها و یجعل زوجُها نفسَها مکانها حتی یعرف ما هی تحتاج و ترید، لأنه یمکن ان تکون هناک اشیاء تهمّ للمرأة و لا تهمّ للرجل. و ایضا من ممیزات النساء حسّ الإمتلاک بالنسبة لزوجهنّ، ففیهنّ عصبیة بالنسبة الی زوجهن، فعلی الرجل ان تجعلها تحس بالأمن بالنسبة الیه. فلا ینبغی ان یکسر الرجال عصبیتهنّ هذه و لو فی المزاح. و هذا سوف یکون خلفیة لقضاء حاجة المرأة الی الأمن و الاطمئنان. و لو استطعنا ان نقضی لها هذه الحاجة فهذا سوف یعینها علی ان تربی الأولاد بصورة جیدة.
فالیوم قد تکلمنا عن حاجة فطریة أخری للرجال و النساء. فقلنا أن من حاجات الرجال الفطریة قبول ولایته و حاکمیته من قبل عیاله و لا سیما زوجته، و کیفیة اظهار هذا القبول من قبل العیال تکون بالاستئذان منه فی أمور الحیاة، و من حاجات النساء الحمایة و الدرک المتواتر.
ننشد الله سبحانه و تعالی بأرواح المقدسة لأهل البیت علیهم السلام ان یرزقنا توفیق التوجه و الدرک و رعایة الممیزات الفطریة فی تعاملنا مع عیالنا أکثر فأکثر و ایضا فی تعامل عیالنا معنا. اللهم ارزقنا توفیق ان نتقیک فی جمیع مجالات حیاتنا لا سیما فی مجال العائلة، اللهم عجل فی فرج مولانا صاحب العصر و الزمان، و اغفر لنا و اعز الاسلام و أهله، و زد فی توفیق قائدنا، و اختم امورنا بالخیر.
اللهم صل علی محمد و آل محمد عجل فرج آل محمد.
الخطبة الثانیة للجمعة 6 اردیبهشت 1398ش، الموافق 20 شعبان 1440ق، الموافق 26 ابریل 2019م.
عباد الله! اوصیکم و نفسی بتقوی الله.
قد وصلنا الی الایام الأخیرة من شهر شعبان المعظم، و قد أُمِرنا أن نکثر أن نقول فیما بقی من هذا الشهر: «اللَّهُمَّ إِنْ لَمْ تَکُنْ قَدْ غَفَرْتَ لَنَا فِي مَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ فَاغْفِرْ لَنَا فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ» فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى يُعْتِقُ فِي هَذَا الشَّهْرِ رِقَاباً مِنَ النَّارِ لِحُرْمَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ. (ابن بابويه، محمد بن على، عيون أخبار الرضا عليه السلام، 2/51)
فینبغی ان نستفید من بقیة هذا الشهر المبارک بکل ما استطعنا، و لنسأل الله توفیق الاستفادة مما بقی من هذا الشهر المعظم. و علینا ان نستغل بقیة هذا الشهر، حتی نترقی و نتقوی روحیا. و لا سبیل لنا الی تقویة روحنا و معنویاتنا الا کرم الله و رحمته الواسعة، و لهذا جعل الله سبحانه و تعالی لنا فرصا ذهبیة منها اللیالی الباقیة من شهر شعبان، فعلینا ان نستغل هذه الفرص، لا سیما الأیام الثلاثة الأخیرة، لا ینبغی ان نغفل عنها، فقد جاء فی روایة عن الامام الصادق علیه السلام: مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ وَ وَصَلَهَا بِشَهْرِ رَمَضَانَ کَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. (ابن بابويه، محمد بن على، من لا يحضره الفقيه، 2/94)
و هذا لیس الا لرحمة من الله سبحانه و تعالی، فهو سبحانه و تعالی قد جعل لنا هذه الفرص حتی نستفید منها و نستغفره من هذا الطریق. فأرجو ان نهیّئ انفسنا فی هذه الایام الباقیة من شهر شعبان للدخول فی شهر رمضان المبارک الذی هو قد اقبل الینا، فکان شهرا رجب و شعبان مقدمة للدخول فی هذا الشهر المبارک، شهر ضیافة الله سبحانه و تعالی، و کان علینا ان نجهّز انفسنا فی هذین الشهرین للدخول فی شهر رمضان المعظم الشهر الذی ابتدائه رحمة و أوسطه مغفرة و آخره نجاة من النار. قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: َ هُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَ أَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَ آخِرُهُ الْإِجَابَةُ وَ الْعِتْقُ مِنَ النَّارِ وَ لَا غِنَى بِکُمْ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ اللَّهَ بِهِمَا وَ خَصْلَتَيْنِ لَا غِنَى بِکُمْ عَنْهُمَا فَأَمَّا اللَّتَانِ تُرْضُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمَا فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنَى بِکُمْ عَنْهُمَا فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ فِيهِ حَوَائِجَکُمْ وَ الْجَنَّةَ وَ تَسْأَلُونَ الْعَافِيَةَ وَ تَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ. (کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، 7/382)
فهذا الشهر له اهمیة کبیرة الی ان اوصینا ان نشجع اطفالنا الذین فی السنة التاسعة من عمرهم، علی ان یصوموا، مع أنهم بعد لم یبلغو الحلم. فأمرنا ان نوصیهم بالصیام حتی یتعودوا علی الصیام. هؤلاء صغار، و لا یستطیعون ان یمسکوا من الصبح الی المغرب، فلهم ان یفطروا. لماذا أمرنا بهذا؟ لأن هذا العمل البسیط یعودهم علی الصیام. و هذا یکشف ان اهمیة الصیام و هذا الشهر المبارک.
من السنن الحسنة بین المسلمین تنظیف المساجد قبل شهر رمضان المبارک. هذا عمل طیب، و له آثار عظیمة فی حیاتنا، جاء فی روایة ٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم قَالَ: مَنْ قَمَّ مَسْجِداً کَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَ مَنْ أَخْرَجَ مِنْهُ مَا يَقْذِي عَيْناً کَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ کِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِه. (ابن بابويه، محمد بن على، الأمالی، 180)
فندعوکم ایها المصلون الأعزاء ان تشارکوا فی تنظیف هذا المسجد الشریف المنسوب الی سید الشهداء الامام الحسین علیه السلام، فمن اراد ان یشارک فی تنظیف هذا المسجد، ففی الاسبوع القادم سوف نکون بخدمة الأعزاء لتنظیف هذا المسجد. فسوف ننظف المسجد معا فی الجمعة القادمة بعد صلاة الجمعة.
هناک اعمال کثیرة قد اوصینا بأدائها فی هذا الشهر المبارک و من الاعمال الحسنة فی شهر الله المبارک شهر رمضان، إفطار صوم الصائمین. فمن اراد ان یشارک فی هذا العمل العظیم، فعلیه ان یتصل مع مسؤولی المسجد.
و أما المطلب الأخیر فهو کما اشرت فی الاسبوع الماضی أحداث السیول فی بلدنا العزیز ایران الاسلامی. فهذه السیول فی عین برکاتها الکثیرة و فوائدها العظیمة اوجبت الاضرار بعوائل کثیرة، و مع ان الناس من جمیع مدن و مناطق ایران قد اعانوا المتضررین بکل ما استطاعوا، هناک مشاکل کثیرة لم تنحل بعد، فعلینا ان نتقدم بکل ما بأیدینا. فی الاسبوع الماضی تکلمت عن هذا و ساهم کثیر من الإخوة فی هذا العمل العظیم و اجتمع اعانات کبیرة. فمن اراد ان یعالج ألما من آلام هؤلاء المتضررین و یساهم فی هذا، فقد وضع صندوق لجمع مشارکاتکم الطیبة. و نحن کما واعدنا، سوف نزور الامام الرضا علیه السلام فی المشهد المقدس و کذلک الفاطمة المعصومة سلام الله علیها بقم، و ایضا نصلی صلاة فی مسجد جمکران المقدس، نیابة عن هؤلاء الأعزاء الذین یشارکون فی هذا العمل الحسن الطیب.
اللهم ننشدک بنور محمد و آل محمد، احفظ جمیع مسلمی العالم من البلایا اجمعها، و قو الأخوة بین المسلمین، و ارزقنا توفیق ان ندرک الایام الباقیة من شهر شعبان درکا حسنا، و أعز الاسلام و أهله، و زد علی توفیق قائدنا المعظم، و اجعل عاقبة أمورنا خیرا.
اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرجهم.
|