الخطبة الاولی للجمعة 2 فروردین 1398ش، الموافق 15 رجب 1440ق، الموافق 22 مارس 2019م.
بسم الله الرحمن الرحیم.
قال الله تبارک و تعالی: ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَکُم. (غافر، 60)
نحن فی الشهر الرجب المرجب المبارک. و قد شرعنا بحثا تحت عنوان الدعاء فی الاسبوع الماضی، و قلنا: ان من وسائل ارتباط عباد الله تعالی به، الدعاء. قلنا ان الدعاء هو نوع من العبادة و الخضوع و الخشوع و العبودیة. للدعاء آثار تربویة کسائر العبادات. فللصلاة آثار، و للصوم آثار، و لقرائة القرآن آثار.
فقال الله تبارک و تعالی فی الصلاة: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ. (العنکبوت، 45)
فثمرة الصلاة هی الصلح، و الصفاء و الطهارة و حسن العمل.
و قال فی الصوم: کُتِبَ عَلَيْکُمُ الصِّيامُ کَما کُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُون. (البقرة، 183)
فثمرة الصوم هی التقوی.
فالدعاء ایضا له آثار تربویة. الدعاء مضافا علی اطمئنان النفس، و الراحة القلبیة، یوجد روح البطولة و الشجاعة فی الانسان. ذکرت لکم بعض الآیات القرآنیة فی الاسبوع الماضی. الیوم سوف ابین لکم اولا: معنی الدعاء الحقیقی. معنی الحقیقی للدعاء هو طلب تهیئة الاسباب و العوامل التی هی خارجة عن دائرة قدرة الانسان. فالدعاء یجعلنا قادرین علی ما لم نکن نقدر علیه. فبالدعاء نحصل علی القدرة علی ما کان خارجا عن قدرتنا، لاننا نسئل من لا حد لقدرته، و لا نهایة، فهو قادر علی کل شیئ. و بعبارة اخری، الدعاء نوع من معرفة النفس و استیقاظ القلب و الفکر و ارتباط الانسان الباطنی بمبدء جمیع الحسنات. فالدعاء یربطنا بمنشأ الفیض. الدعاء یرفع الظلمات عن وجوهنا. نقل عن امیر المؤمنین علیه السلام ما حاصله: ان الله لا یستجیب دعاء الغافلین.
لأن فی هذا الجوّ الذی نعیش فیه، کثیر من الناس یسئلون هذا السؤال، الذین یصلون الصلاة، الذین یراعون ظواهر الدین، الذین یعتقدون بما امر الله باعتقاده، فهؤلاء یسئلون، نحن نراعی الدین الاسلام، فلماذا لا یستجاب دعائنا؟
لیس من الضروری ان یستجاب کل ادعیتنا، و لا یلزم ان نُعطی کل ما سئلناه. بل یلزم اولا ان نصل الی مرتبة من المعرفة نری وجه الله عز و جل، یلزم ان نصل الی مرتبة یقبلنا الله بخیر و حسن. و یعرفنا بخیر و یدعونا بخیر. لذا السؤال هو انه لماذا لا یستجاب دعائنا؟ این المشکلة؟ المشکلة منا او (العیاذ بالله) المشکلة من الله عز و جل. و واضح انه لا یمکن ان یکون المشکلة من الله عز و جل لانه تعالی اجل من ذلک، فالمشکلة منا. و قد جاء فی بعض الروایات ان المعاصی توجد اسباب و عوامل متعددة التی تمنع من استجابة الدعاء. المعصیة احد من الموانع التی لا یسمح ان یستجاب الدعاء. و منها سوء النیة و سوء الظن بالنسبة للمؤمنین، و الجیران، و الزوجة او الزوج و العائلة و الزملاء، و و و.... فهو لا یسمح ان یستجاب الدعاء. و النفاق ایضا من الاوصاف الرزیلة التی تمنع من ان یستجاب الدعاء. نری فی سورة البقرة خمسة آیات حول المتقین، و هناک آیتان حول الکفار، و أما المنافقون فهناک ثلاثة عشر آیة حولهم. فالنفاق صفة رزیلة جدا، و لا توجد صفة اسوء من النفاق. فلذا یمنع النفاق ایضا عن استجابة الدعاء. و ایضا تأخیر الصلاة عن وقتها فهو یمنع من استجابة الدعاء، ایها الإخوة الأعزاء و الأخوات الأعزات! هناک کتاب لبانی الجمهوریة الاسلامیة ایران، الامام الخمینی رضوان الله تعالی علیه اسمه آداب الصلاة، قال فی مقدمة هذا الکتاب، الصلاة فی أول وقته کاقتداء صاحب العصر و الزمان سلام الله تعالی علیه فی الثواب. فمن یصلی صلاته فی اول وقته، فثوابه کمن صلی خلف بقیة الله الاعظم صاحب العصر و الزمان صلوات الله و سلامه علیه. و لکن اذا تأخرت الصلاة عن وقتها فلا ندری ما هی منزلته و ما هو ثوابه. و من موانع استجابة الدعاء سوء الکلام. هذا ایضا من الصفات الرز یلة. و کیف یصبح المؤمن الذی ابتداء یومه باسم الله تعالی، و الصلاة و الدعاء، سیّئ الکلام؟ کأن لسانه سیف یصرم کل من تکلم به. فمن کان فی کلامه مع الآخرین هکذا، لا یستجاب دعائه. أکل الحرام ایضا من موانع استجابة الدعاء. فأکل الحرام لا یسمح ان یستجاب الدعاء.
الصدقات و الانفاق فی سبیل الله و... من الامور التی تدیر حیاة کثیر من الناس الفقراء. فترک الصدقة و الانفاق فی سبیل الله من الامور التی تمنع الدعاء من الاستجابة. اقرء لکم حدیثین. نقل المرحوم الطبرسی فی کتابه الاحتجاج: (جاء رجل الی الامام الصادق علیه السلام و قال): أَ لَسْتَ تَقُولُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى- ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَکُمْ وَ قَدْ نَرَى الْمُضْطَرَّ يَدْعُوهُ فَلَا يُجَابُ لَهُ وَ الْمَظْلُومَ يَسْتَنْصِرُهُ عَلَى عَدُوِّهِ فَلَا يَنْصُرُهُ قَالَ وَيْحَکَ مَا يَدْعُوهُ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ أَمَّا الظَّالِمُ فَدُعَاؤُهُ مَرْدُودٌ إِلَى أَنْ يَتُوبَ إِلَيْهِ. (طبرسى، احمد بن على، الاحتجاج علی اهل اللجاج، 2/ 343)
أ یمکن ان أحدا یظلم الناس و یأکل اموالهم بالباطل ثم یدعو الله فیستجیب دعائه؟ کلا! هذا لا یمکن. ثم قال الامام علیه السلام:
وَ أَمَّا الْمُحِقُّ فَإِنَّهُ إِذَا دَعَاهُ اسْتَجَابَ لَهُ وَ صَرَفَ عَنْهُ الْبَلَاءَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُهُ أَوِ ادَّخَرَ لَهُ ثَوَاباً جَزِيلًا لِيَوْمِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يَکُنِ الْأَمْرُ الَّذِي سَأَلَ الْعَبْدُ خَيْراً لَهُ إِنْ أَعْطَاهُ أَمْسَکَ عَنْهُ وَ الْمُؤْمِنُ الْعَارِفُ بِاللَّهِ رُبَّمَا عَزَّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَهُ فِيمَا لَا يَدْرِي أَ صَوَابٌ ذَلِکَ أَمْ خَطَأٌ وَ قَدْ يَسْأَلُ الْعَبْدُ رَبَّهُ هَلَاکَ مَنْ لَمْ يَنْقَطِعْ مُدَّتُهُ أَوْ يَسْأَلُ الْمَطَرَ وَقْتاً وَ لَعَلَّهُ أَوَانٌ لَا يَصْلُحُ فِيهِ الْمَطَرُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِتَدْبِيرِ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَشْبَاهُ ذَلِکَ کَثِيرَةٌ فَافْهَمْ هَذَا (نفس المصدر)
عدم الالتزام بالموازین الالهیة ایضا من الامور التی تمنع من استجابة الدعاء. فلو عبدتم الله لیلا و نهارا، و دعوتموه مع انکم تکذبون، او کنتم اهل نفاق، أو کنتم من المفسدین، او کنتم أهل الریاء غیر المخلصین، و... فلا یستجاب لکم دعائکم مهما دعوتموه. جاء رجل الی أمیر المؤمنین علی علیه السلام و قال:
نَسْأَلُکَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَکُمْ» فَمَا بَالُنَا نَدْعُو فَلَا يُجَابُ قَالَ إِنَّ قُلُوبَکُمْ خَانَتْ بِثَمَانِ خِصَالٍ أَوَّلُهَا أَنَّکُمْ عَرَفْتُمُ اللَّهَ فَلَمْ تُؤَدُّوا حَقَّهُ کَمَا أَوْجَبَ عَلَيْکُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْکُمْ مَعْرِفَتُکُمْ شَيْئاً. (مجلسى، محمد باقر بن محمد تقى، بحار الانوار، 90/376)
فأقررتم أنکم عرفتم الله و لکنکم لم تؤدوا حقه، فقلتم: أشهد ان لا اله الا الله، و لم تؤدوا حقه. لذا لا ینفعکم معرفتکم، فمهما قلتم: لا اله الا الله، استغفر الله ربی و اتوب الیه، اذا لم تعبدوا الله لا ینفعکم هذا شیئا.
وَ الثَّانِيَةُ أَنَّکُمْ آمَنْتُمْ بِرَسُولِهِ ثُمَّ خَالَفْتُمْ سُنَّتَهُ وَ أَمَتُّمْ شَرِيعَتَهُ فَأَيْنَ ثَمَرَةُ إِيمَانِکُمْ. (نفس المصدر)
ما هی السنة النبویة؟ هی ایمان بکل ما امر الله عز و جل بإیمانه، هی الصراط المستقیم، هی الاخلاص، الشریعة النبویة هی الصداقة، السنة النبویة هی الوفاء بالعهد، الشریعة النبویة هی ایجاد الامن فی المجتمع الاسلامی، فأنتم قد خالفتم سنة النبی الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم، فأین ثمرة ایمانکم؟ این جلوسکم فی المساجد، و این بکائکم خشیة لله تبارک و تعالی، و و و... التی هی من مصادیق سنة الرسول الکریم صلی الله علیه و آله و سلم؟
وَ الثَّالِثَةُ أَنَّکُمْ قَرَأْتُمْ کِتَابَهُ الْمُنْزَلَ عَلَيْکُمْ فَلَمْ تَعْمَلُوا بِهِ وَ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا ثُمَّ خَالَفْتُمْ وَ الرَّابِعَةُ [أَنَّکُمْ] قُلْتُمْ إِنَّکُمْ تَخَافُونَ مِنَ النَّارِ وَ أَنْتُمْ فِي کُلِّ وَقْتٍ تَقْدَمُونَ إِلَيْهَا بِمَعَاصِيکُمْ فَأَيْنَ خَوْفُکُمْ وَ الْخَامِسَةُ أَنَّکُمْ قُلْتُمْ إِنَّکُمْ تَرْغَبُونَ فِي الْجَنَّةِ وَ أَنْتُمْ فِي کُلِّ وَقْتٍ تَفْعَلُونَ مَا يُبَاعِدُکُمْ مِنْهَا فَأَيْنَ رَغْبَتُکُمْ فِيهَا وَ السَّادِسَةُ أَنَّکُمْ أَکَلْتُمْ نِعْمَةَ الْمَوْلَى وَ لَمْ تَشْکُرُوا عَلَيْهَا وَ السَّابِعَةُ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَکُمْ بِعَدَاوَةِ الشَّيْطَانِ وَ قَالَ إِنَّ الشَّيْطانَ لَکُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا فَعَادَيْتُمُوهُ بِلَا قَوْلٍ وَ وَالَيْتُمُوهُ بِلَا مُخَالَفَةٍ وَ الثَّامِنَةُ أَنَّکُمْ جَعَلْتُمْ عُيُوبَ النَّاسِ نُصْبَ عُيُونِکُمْ وَ عُيُوبَکُمْ وَرَاءَ ظُهُورِکُمْ تَلُومُونَ مَنْ أَنْتُمْ أَحَقُّ باللَّوْمِ مِنْهُ فَأَيُّ دُعَاءٍ يُسْتَجَابُ لَکُمْ مَعَ هَذَا وَ قَدْ سَدَدْتُمْ أَبْوَابَهُ وَ طُرُقَهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا أَعْمَالَکُمْ وَ أَخْلِصُوا سَرَائِرَکُمْ وَ أْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْکَرِ فَيَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَکُمْ دُعَاءَکُمْ. (نفس المصدر)
ایها السادة الأعزاء! الله کریم و غفار، رحیم و رحمان، و جواد، فکرمه و فضله لعباده. هو یرحم عباده لکی یستفید من سفرته جمیع عباده. فخافوا الله و اتقوه، و اعلموا أن جمیع مشاکلنا هی من انفسنا، و لیست من الله تبارک و تعالی. فإذا عزمنا ان نکون مؤمنین و متدینین فترتفع جمیع مشاکلنا. فلو رأیتم أن دعائکم لا یستجاب، فعلیکم ان تجدّدوا النظر فی طریقة حیاتکم، لکی تغیروا اسلوب حیاتکم حتی یرحمکم الله تعالی و یرفع مشاکلکم. و ایّ شهر افضل من شهر رجب المبارک لهذا. ارجو الله ان یرزقنا توفیق معرفة انفسنا، و معرفة الله تعالی. المهم ان نعرف ما هی وظیفتنا. فی هذا العالم یعیش کثیر من الناس، و لکن هناک فرق کبیر بینک المصلی و بینهم الذین لا یهمهم الا الامور الدنیوی و لا یبالون الدین و لا الامور الدینیة. فهؤلاء دائما فی طلب القدرة و کسب المال و جمعه و سائر الامور الدنیویة. فاعرفوا منزلتکم الرفیعة و اغتنموها، و احفظوها. و نرجو الله ان ینظر الینا نظرة خاصة و یوفقنا ان نرتبط به فی هذا الشهر ارتباطا وثیقا.
اللهم بحق محمد و آل محمد، اجعل هذا الشهر العزیز لنا مبارکا. اللهم استجب جمیع ادعیتنا، و اقض حوائجنا، اللهم تقبل منا هذه العبادة القلیلة و اعطنا بها اجرا کثیرا. اللهم ارزقنا توفیق عبادتک و عبودیتک و لا تسلبها منا.
اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرج آل محمد.
الخطبة الثانیة للجمعة 2 فروردین 1398ش، الموافق 15 رجب 1440ق، الموافق 22 مارس 2019م.
عباد الله اوصیکم و نفسی بتقوی الله. إنه خیر زاد فی الدنیا و الآخرة. التقوی یعزّ الانسان فی هذه الدنیا و فی الآخرة، و یغنی الانسان عن جمیع ما هو محتاج فی نفسه. التقوی الالهیة یفتح لنا الطریق. فی هذا الاسبوع مناسبات عدیدة.
المناسبة الاولی هی نفس هذا الشهر ای شهر الرجب المرجب. و المناسبة الثانیة هی مولد مولی الموحدین، امیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام، الذی هو مصادف لأیام البیض و أیام الإعتکاف، کأن جمیع الفضائل قد اجتمعت فی مورد واحد. و المهم هو ان نعرف ما هی وظیفتنا قبال هذه المناسبة العطرة و کیف نستفید من هذه الفرص الذهبیة. ابارک لجمیع المعتکفین بمناسبة أیام البیض. الاعتکاف برنامج جامع و کامل لکل من اراد ان یتقرب الی الله و یتکلم به بسهولة، و یستفید من نعمه اکثر. فطوبی لمن استفاد من هذه الایام الکریمة للتقرب الی الله تبارک و تعالی.
المناسبة الثالثة هی شروع السنة الجدیدة الهجریة الشمسیة، الذی نسمیه النیروز. النوروز سنة قدیمة. الایران الاسلامی له قدمة اکثر من سبع آلاف سنة. و النیروز الذی قد ذکر فی بعض الکتب، هو شروع السنة الذی یبتدأ به فصل الربیع. و هناک بلاد أخری یحتفلون النیروز، و استفیدون من ایام النیروز بأحسن وجه. و قد جاء فی تعبیر من النبی الاعظم صلوات الله و سلامه علیه، و جاء هذا الحدیث عن امیر المؤمنین علیه السلام فی الکتاب الشریف نهج البلاغة: تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَ تَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْأَبْدَانِ کَفِعْلِهِ فِي الْأَشْجَارِ أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَ آخِرُهُ يُورِقُ. (نهج البلاغة، الحکمة، 182)
بعض الناس یظنون أن النیروز لیس الا معصیة لله تبارک و تعالی، و جمیع آدابه و سننه معصیة. نعم هناک بعض الناس یعصون الله باسم النیروز و سننه، و لکن النیروز بمعناه الواقعی لیس هذا، و انما هو شیئ آخر. فلو رأیتم الی آراء اولیاء الله فی النیروز، تفهمون ما فیه. کما فی حدیث سابق عن امیر المؤمنین علیه السلام: تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَ تَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ.
فإخوانی! لا تذهبنّ بکم المذاهب. ینبهکم الامام علی علیه السلام الی ان توقوا فی بدایة الشتاء و فصل البرد، و تلقوه فی آخره لکی تستفیدوا من ریاح الربیع الطیبة العطرة، فإنه یورق الاشجار و یجعل الاشجار المثمرة تثمر، فهی تفیدکم. فطبیعة النیروز و الربیع هی الخضارة للناس. هناک تعبیر عن "مولانا" ترجم فیه حدیث امیر المؤمنین علیه السلام هذا:
گفت پیغمبر ز سرمای بهار تن مپوشانید یاران زینهار
ز آن که با جان شما آن می کند کان بهاران با درختان می کند.
لیک بگریزید از سرد خزان کان کند کاو کرد با باغ و رزان
راویان این را به ظاهر برده اند هم بر آن صورت قناعت کرده اند
بی خبر بودند از جان آن گروه کوه را دیده ندیده کان بکوه
آن خزان نزد خدا نفس و هواست عقل و جان عین بهار است و بقاست
از حدیث اولیاء نرم و درشت تن مپوشان ز آن که دینت راست پشت
گرم گوید سرد گوید خوش بگیر تا ز گرم و سرد بجهی و ز سعیر
گرم و سردش نو بهار زندگی است مایه صدق و یقین و بندگی است
ایها الاصدقاء، تلقوا البرد فی الربیع و لا تلبسوا فیه ملابس الشتاء لأن ریاح الربیع یفعل بالابدان ما یفعل بالاشجار فإنه تورق الاشجار. و لکن احذروا عن برد الخریف فإنه یفعل بالابدان ما یفعل بالبساتین فإنه یحرقها. و هذا الخریف المراد منه عند الله هو هوی النفس، فهی تحرق روح الانسان و تفنیه، و العقل و النفس عنده کالربیع و البقاء. فالخریف یحرق اوراق الاشجار فاحذروه و هوی النفس تحرق الروح و نفس الانسان فاحذروها. و لا تحذر عن کلام الاولیاء کان حلوا او حامضا، و کل ما قال اسمعه بضحکة حتی تتبرء من حرارة النار و السعیر. لأن حرارت کلام أولیاء و برودته جزء من الحیاة و هذه هی حقیقة العبودیة.
اخوانی! هذا هو النیروز الذی یورث الیقین و الصدق و الاعتقاد بما وراء هذا العالم. الدین حسن و یحسن الانسان بظاهره و باطنه.
و من مناسبات هذا الاسبوع هی رحلة شریکة الحسین علیه السلام، زینب الکبری بنت علی ابن ابی طالب علیه السلام بطل کربلاء. فمهما اکثرنا فی توصیف هذه العالمة المجاهدة فهو قلیل. و کفی لفضلها انها احیت دماء شهداء کربلا الی الابد. فلو رأیتم تفهمون ان ذکر الامام الحسین علیه السلام و اصحابه یزداد یوما فیوما فی العالم، و بدء الناس یعرفون الامام الحسین علیه السلام و اصحابه اکثر فأکثر. الامام الحسین علیه السلام سقی شجرة الاسلام بدمه و دماء اصحابه و أخته زینب الکبری صلواة الله و سلامه علیها حفظت دمائهم. و بعد ان اسرت الی الکوفة و الشام، فاینما دخلت، اثارت و ایقظتهم.
سر نی در نینوا می ماند، اگر زینب نبود کربلا در کربلا می ماند، اگر زینب نبود
چهره ی سرخ حقیقت بعد از آن طوفان رنگ پشت ابری از ریا می ماند اگر زینب نبود
چشمه ی فرياد مظلوميت لب تشنگان در کوير تفته جا مي ماند اگر زينب نبود
زخمه ی زخمي ترين فرياد در چنگ سکوت از طراز نغمه وا مي ماند اگر زينب نبود
ذوالجناح دادخواهي ، بي سوار و بي لگام در بيابان ها رها مي ماند اگر زينب نبود
در عبور از بستر تاريخ، سيل انقلاب پشت کوه فتنه ها مي ماند اگر زينب نبود
لو لم تکن زینب، لبقی سرّ نینوا مخفیة فی نینوا، و لو لم تکن زینب، لاحتبس کربلا بکربلا. و لو لم تکن زینب لاختفی وجه الحقیقة وراء غیم الریاء. و لو لم تکن زینب، لما سمع أحد استغاثة مظلومی کربلا العطاشا و لاحتبست بصحراء کربلاء. و لو لم تکن زینب لما سمع احد انین المجروحین بکربلا. و لو لم تکن زینب لبقی فرس طلب العدل فی البوادی متحیرة بدون راکب. و لو لم تکن زینب لما وصلت ثورة کربلا الی انحاء العالم و لبقیت خلف جبال الفتن.
السلام علیک یا بنت أمیر المرمنین سلام الله علیک و علی اجدادک.
الآن ارید ان اذکر روایة فی شأن أمیر المؤمنین علیه السلام.
قد جاء فی روایة عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: کَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ يَزِيدُ بْنُ قَعْنَبٍ جَالِسَيْنِ مَا بَيْنَ فَرِيقِ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى فَرِيقِ عَبْدِ الْعُزَّى بِإِزَاءِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، إِذْ أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ کَانَتْ حَامِلَةً بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَ کَانَ يَوْمَ التَّمَامِ، قَالَ: فَوَقَفَتْ بِإِزَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَ قَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ، فَرَمَتْ بِطَرْفِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَ قَالَتْ: أَيْ رَبِّ، إِنِّي مُؤْمِنَةٌ بِکَ، وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِکَ الرَّسُولُ، وَ بِکُلِّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِکَ، وَ بِکُلِّ کِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ، وَ إِنِّي مُصَدِّقَةٌ بِکَلَامٍ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَ إِنَّهُ بَنَى بَيْتَکَ الْعَتِيقَ، فَأَسْأَلُکَ بِحَقِّ هَذَا الْبَيْتِ وَ مَنْ بَنَاهُ، وَ بِهَذَا الْمَوْلُودِ الَّذِي فِي أَحْشَائِي الَّذِي يُکَلِّمُنِي وَ يُؤْنِسُنِي بِحَدِيثِهِ، وَ أَنَا مُوقِنَةٌ أَنَّهُ إِحْدَى آيَاتِکَ وَ دَلَائِلِکَ لَمَّا يَسَّرْتَ عَلَيَّ وِلَادَتِي.
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ يَزِيدُ بْنُ قَعْنَبٍ: لَمَّا تَکَلَّمَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ وَ دَعَتْ بِهَذَا الدُّعَاءِ، رَأَيْنَا الْبَيْتَ قَدِ انْفَتَحَ مِنْ ظَهْرِهِ، وَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فِيهِ، وَ غَابَتْ عَنْ أَبْصَارِنَا، ثُمَّ عَادَتِ الْفَتْحَةُ وَ الْتَزَقَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ (تَعَالَى)، فَرُمْنَا أَنْ نَفْتَحَ الْبَابَ لِيَصِلَ إِلَيْهَا بَعْضُ نِسَائِنَا، فَلَمْ يَنْفَتِحِ الْبَابُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِکَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (تَعَالَى)، وَ بَقِيَتْ فَاطِمَةُ فِي الْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ: وَ أَهْلُ مَکَّةَ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِکَ فِي أَفْوَاهِ السِّکَکِ، وَ تَتَحَدَّثُ الْمُخَدَّرَاتُ فِي خُدُورِهِنَّ.
قَالَ: فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْفَتَحَ الْبَيْتُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي کَانَتْ دَخَلَتْ فِيهِ، فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى يَدَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) اخْتَارَنِي مِنْ خَلْقِهِ، وَ فَضَّلَنِي عَلَى الْمُخْتَارَاتِ مِمَّنْ مَضَى قَبْلِي، وَ قَدِ اخْتَارَ اللَّهُ آسِيَةَ بِنْتَ مُزَاحِمٍ فَإِنَّهَا عَبَدَتِ اللَّهَ سِرّاً فِي مَوْضِعٍ لَا يُحَبُّ أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ فِيهِ إِلَّا اضْطِرَاراً، وَ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ حَيْثُ اخْتَارَهَا اللَّهُ، وَ يَسَّرَ عَلَيْهَا وِلَادَةَ عِيسَى، فَهَزَّتِ الْجِذْعَ الْيَابِسَ مِنَ النَّخْلَةِ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى تُسَاقِطَ عَلَيْهَا رُطَباً جَنِيًّا، وَ إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) اخْتَارَنِي وَ فَضَّلَنِي عَلَيْهِمَا، وَ عَلَى کُلِّ مَنْ مَضَى قَبْلِي مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، لِأَنِّي وَلَدْتُ فِي بَيْتِهِ الْعَتِيقِ، وَ بَقِيتُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آکُلُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَ أَوْرَاقِهَا، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ وَ وَلَدِي عَلَى يَدَيَّ هَتَفَ بِي هَاتِفٌ وَ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ، سَمِّيهِ عَلِيّاً، فَأَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَ إِنِّي خَلَقْتُهُ مِنْ قُدْرَتِي، وَ عِزِّ جَلَالِي، وَ قِسْطِ عَدْلِي، وَ اشْتَقَقْتُ اسْمَهُ مِنْ اسْمِي، وَ أَدَّبْتُهُ بِأَدَبِي، وَ فَوَّضْتُ إِلَيْهِ أَمْرِي، وَ وَقَّفْتُهُ عَلَى غَامِضِ عِلْمِي، وَ وُلِدَ فِي بَيْتِي، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ يُؤَذِّنُ فَوْقَ بَيْتِي، وَ يَکْسِرُ الْأَصْنَامَ وَ يَرْمِيهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَ يُعَظِّمُنِي وَ يُمَجِّدُنِي وَ يُهَلِّلُنِي، وَ هُوَ الْإِمَامُ بَعْدَ حَبِيبِي وَ نَبِيِّي وَ خِيَرَتِي مِنْ خَلْقِي مُحَمَّدٍ رَسُولِي، وَ وَصِيُّهُ، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ وَ نَصَرَهُ، وَ الْوَيْلُ لِمَنْ عَصَاهُ وَ خَذَلَهُ وَ جَحَدَ حَقَّهُ. (طوسى، محمد بن الحسن، الأمالی، 706-708)
و لهذا قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فیه: حُبُّ عَلِيٍّ حَسَنَةٌ لَا يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ وَ بُغْضُ عَلِيٍّ سَيِّئَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ. (علامه حلى، حسن بن يوسف بن مطهر، نهج الحقّ و کشف الصدق، 259)
فمن عرف علیا علیه السلام و عرف تقواه، و مناجاته، و بکاءه اللیلی، و اسلوب حیاته، و سیرته، و سذاجة حیاته، و جعله اسوة فی حیاته، فهذا هو المؤمن و من لم یعرفه و لم یتبعه فی حیاته و لم یتق فهذا لا یکون مؤمنا مهما ادعی.
اللهم بحق محمد و آل محمد اجعل عواقب امورنا خیرا، و اختمنا اجمعین علی خیر، اللهم عجل لولیک الفرج و العافیة و النصر، اللهم صل علی محمد و آل محمد، اللهم اشف مرضانا، و ارحم موتانا، و سلم مسافرینا، اللهم بحق محمد و آل محمد انصر الاسلام و المسلمین و اخذل الکفار و اعداء المسلمین، و زد علی عزة الامة المسلمة یوما فیوما، و اجعل هذا الشهر العزیز لنا مبارکا.
اللهم صل علی محمد و آل محمد و عجل فرجهم.
|