۱۳۹۲/۱۲/۷   10:51  بازدید:1182     الاخبار

بسم الله الرحمن الرحيم
اليأس من روح الله_ اليأس الدنيوي

 


اليأس من روح الله_ اليأس الدنيوي

من الذنوب الکبيرة اليأس من روح الله تعالى.
اليأس نوعان
الأوّلاليأس الأُخروي
الثاني: اليأس الدنيوي
 
مرّ معنا الحديث عن اليأس الأخروي، والآن نتحدث عن اليأس الدنيوي، ونعني به أن ييأس الإنسان من الفرج الإلهي.
علاج اليأس الدنيوي
1- التفاۆل:
فالتفاۆل يبعث على الأمل بينما التطيُّر يۆدِّي إلى اليأس والعجز، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"الطَّيَرَة شرک"، "تفاءلوا بالخير تجدوه".
2- الدعاء:
نقرأ في الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الدُّعاء سلاح المۆمن..."١.
وعن الإمام علي عليه السلام: "الدُّعاء مفاتيح النَّجاح ومقاليد الفلاح..."٢.
وهناک روايات کثيرة تشير إلى أهمِّية الدُّعاء، ومن فوائده: أنَّ الإنسان تقع في حياته حوادث، فتغرقه في اليأس من حيث الأسباب الظاهرية، فالدُّعاء يمکنه أن يکون شرفة على أمل الفوز، ووسيلة مۆثِّرة في مواجهة اليأس.
3- الأمل بالنصر (المدد الإلهي)
إذا راجعنا القرآن الکريم، نجده يبعث الأمل بالنَّصر في نفوس المسلمين، وإليک بعض الموارد.
أ- قال تعالى(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ کَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِۆُونَ * کَذَلِکَ نَسْلُکُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُۆْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) (الحجر:11-13).
تفيدنا الآية بأنَّ أساليب أهل الضَّلال الرَّامية لتخدير، الناس ومحاولة تفريقهم وإبعادهم عن أولياء الله، لا تختصُّ بزمان ومکان معينين، بل هي ممارسة موجودة منذ القدم، وباقية ما بقي الصراع بين الحق والباطل على الأرض، ولهذا لا ينبغي أن نستوحش من ذلک ونتراجع أمام المشاکل والعراقيل التي يدبِّرها الأعداء.
ولا نسمح لليأس من أن يدخل إلى قلوبنا، ولا لأساليب الأعداء من أن تُفقدنا الثِّقة بالله تعالى.
فذکر سنن الأولين في القرآن، ما هي إلا مواساة وتسلية مۆثِّرة لقلوب دعاة الإيمان.
وإذا ما تصوَّرنا يوماً أنَّ نشر دعوة الحق، ورفع راية العدل والهداية، لا يواجهان بردِّ فعل الأعداء، فإننا في خطأ کبير، وأقلُّ ما فيه أننا سنصاب بحالة اليأس المهلکة، وما علينا إلَّا أن نستوعب مسير الأنبياء عليهم السلام في مواجهتهم لأعداء الله.
ب- قال تعالى(وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن کُنتُم مُّۆْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْکُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْکَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنکُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران:139-140)، في الآية تحذير للمسلمين من أن يعتريهم اليأس والفتور بسبب النکسة في معرکة واحدة، وأن يتملَّکهم الحزن واليأس من النصر النهائي.
فالرجال الواعون هم الذِّين يستفيدون الدروس من الهزائم، کما يستفيدونها من الانتصارات، وهم الذين يتعرفون في ضوء النَّکسات على نقاط الضعْف في أنفسهم أو مخطَّطاتهم، ويقفون على مصدر الهزيمة، ويسعون لتحقيق النصر النهائي بالقضاء على تلک الثغرات والنواقص.
4- الانتظار ودوره في معالجة اليأس
هناک أثر مهمٌّ لانتظار ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهو عدم ذوبان المنتظرين في المحيط الفاسد، وعدم الانقياد وراء المغريات والتلوث بها.
وتوضيح ذلک: أنه حين يعمُّ الفساد المجتمع، أو تکون الأغلبيَّة الساحقة منه فاسدة، فقد يقع الإنسان المۆمن في مأزق نفسيِّ، أو بعبارة أخرى: في طريق مسدود "لليأس من الاصلاحات التي يتوخاها" وربما يتصَّور المنتظرون أنَّه لا مجال للاصلإح، وأنَّ السعي والجدَّ من أجل البقاء على النقاء والطهارة، کلُّ ذلک لا جدوى منه، فهذا اليأس أو الفشل قد يجرُّ الإنسان نحو الفساد والاصطباغ بصبغة المجتمع الفاسد، والَّذي ينعش الأمل في نفوس المۆمنين ويدعوهم إلى المقاومة والصبر وعدم الذوبان والإنحلال في المحيط الفاسد، هو رجاۆهم بالاصلاح النهائي، فهم في هذه الحال لا يسأمون عن الجد والمثابرة.
5- التقوى والفرج
(... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ..) الطلاق:2-3) إنَّ هذه الآيات تبعث الأمل في النُّفوس، وتمنح القلب صفاءً خاصاً، وتمزِّق حجب اليأس والقنوط، وتنير الأرواح بنور الأمل، إذ تعد المتقين بحل مشاکلهم وتسهيل أمورهم.
جاء في حديث عن أبي ذر الغفاري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنيِّ أعلم آيةً لو أخذ بها النَّاس لکفتهم،(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً)، فما زال يقولها ويعيدها"٣.
وفي حديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ أْکثر الإستغفار جعل الله له من کلِّ همٍّ فرجاً ومن کلِّ ضيق مخرجاً"٥. المقصود من التوکُّل على الله، هو أن يسعى الإنسان لأن يجعل عاقبة عمله وکدحه على الله، ويوکلها إليه ويدعوه لتسهيل أمره، فإنَّه لطيف بعباده، رحيم بهم، وعلى کل شي‏ء قدير.
والشخص الذي يعيش حقيقة التوکُّل على الله، لا يجد إليه منفذاً، ولا يدبُّ في عزمه الضعف، ولا يشعر بالنقص والصغر أمام المشاکل مهما کبرت، ويبقى يقاوم ويواجه الأحداث بقوَّة وإيمان راسخين.
ومن جانب آخر تنهمر عليه الإمدادات الغيبيَّة والمساعدات التي وعده الله.
ففي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" سألت جبرائيل: ما التوکل؟ قال:العلم بأنَّ المخلوق لا يضرُّ ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا کان العبد کذلک، لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرجُ ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوکُّل"٥.
6- العلم بأن مع العسر يسراً
يقول تعالى:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الانشراح:5-6).
هذا الوعد الإلهيُّ يغمر القلب نوراً وصفاء، ويبعث فيه الأمل، ويزيل ظلمة اليأس عن روح الإنسان، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "واعلم أنَّ مع العسر يسراً، وأنَّ مع الصبر النَّصر، وأنَّ الفرج مع الکرب"٦.
المصادر:
 
١- أصول الکافي، ج‏2، أبواب الدعاء، باب إن الدعاء سلاح المۆمن.
٢- م.ن.
٣- نور الثقلين، ج‏5، ص‏356، حديث 44.
٤- ن.م، حديث 45.
٥- بحار الأنوار، ج‏69، ص‏372، حديث 19.
٦- تفسير نور الثقلين، ج‏5، ص‏604، حديث 11.
 
 


انتهای پیام