۱۳۹۲/۱۰/۲۰   12:45  بازدید:945     الاخبار


مختصرٌ عن حياة الإمام أبي محمّد الحسن العسکري (عليه السّلام)

 


 
 1 ـ ولادته (عليه السّلام) : وُلد الإمام العسکري (عليه السّلام) بالمدينة المنوّرة سنة ( 232 هـ ) في شهر ربيع الثاني(1) . وقد وقع الخلاف في يوم ولادته ؛ فقال العلاّمة المجلسي (رحمه الله) : الأشهرُ أنّه وُلد يوم الجُمُعة في الثامن من شهر ربيع الثاني ، وقيل : في العاشر من الشهر نفسه ، وقيل غير ذلک .
اسمه : الحسنُ ، وکنيتُه : أبو محمّد ، وأشهر ألقابه : الزکيّ والعسکريّ ، ويُقال له ولأبيه وجدّه (عليهم السّلام) ابن الرَّضا .
اسم والدته الماجدة : حُديث ، وعلى قولٍ آخر : سُليل ، ويُقال لها : الجَدّة ، وکانت في غاية الصلاح والورع والتقوى .
قال المؤرّخ الشهير المسعودي في إثبات الوصيّة : ورُوي عن العالِم (عليه السّلام) أنّه قال : (( لمّا اُدخلتْ سليلُ ، اُمُّ أبي محمّد (عليه السّلام) ، على أبي الحسن (عليه السّلام) ، قال : سليلٌ مسلولةٌ مِنَ الآفاتِ والعاهاتِ ، والأرجاسِ والأنجاسِ )) . ثم قال له : (( سَيهبُ اللهُ حُجَّتَهُ على خلقهِ ، يملأُ الأرضَ عدلاً کمَا مُلئتْ جورٌ )) .
وحملت اُمّه به بالمدينة وولدته بها ، فکانت ولادتُه ومنشؤهُ مثلَ ولادة آبائه ومنشئِهم (عليهم السّلام) هناک ، ولمّا بزغ نوره في الدُّنيا کان سنُّ أبيه الهادي (عليه السّلام) في ذلک الوقت ستَّ عشرة سنة ، وشُخص معه إلى العراق في سنة ستٍّ وثلاثين ومئتين وله من العمر أربعة أعوام وبضعة أشهر .
 2 ـ فضائلُهُ ومناقبُهُ ومعاجزُهُ (عليه السّلام) :
منها : ما روي عن أبي هاشم قال : دخلتُ على أبي محمّد (عليه السّلام) وأنا اُريد أنْ أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبرّک به ، فجلستُ ونسيتُ ما جئتُ له ، فلمّا ودّعتُهُ ونهضتُ رمى إليّ بخاتمٍ ، وقال : (( أردْتَ فصّاً فأعطيناکَ خاتماً ، وربحتَ الفصَّ والکرا ، هنَّاک اللهُ يا أبا هاشمٍ )) . فتعجبّتُ من ذلک ، فقلتُ : يا سيّدي ، إنّک وليُّ الله ، وإمامي الذي أدينُ الله بفضله وطاعتِه . فقال : (( غفرَ اللهُ لک يا أبا هاشمٍ ))(2) .
وعن أبي هاشم أيضاً قال : شکوتُ إلى أبي محمّد (عليه السّلام) ضيق الحبس وثقل القيد ، فکتب إليَّ : (( تُصلِّي الظُّهرَ اليومَ في منزلِکَ )) فاُخرجتُ في وقت الظّهر وصلّيتُ في منزلي کما قال (عليه السّلام)(3) .
وعن أبي هاشم الجعفري أيضاً قال : دخلتُ على أبي محمّد (عليه السّلام) ، وکان يکتب کتاباً ، فحان وقتُ الصلاة الاُولى فوضع الکتابَ من يده وقام إلى الصلاة ، فرأيتُ القلم يمرُّ على باقي القرطاس من الکتاب ويکتب حتى انتهى إلى آخره ، فخررت ساجداً ، فلمّا انصرف من الصلاة أخذ القلم بيده وأذنَ للناس(4) .
ومنها : ما رواه العلاّمة المجلسي (رحمه الله) عن بعض مؤلفات أصحابنا ، عن عليِّ بن عاصم الکوفي أنّه قال : دخلتُ على سيّدي الحسن العسکري فسلّمتُ عليه ، فردّ عليَّ السّلام وقال : (( مرحباً بکَ يابنَ عاصمٍ ، اجلسْ هنيئاً لک يابنَ عاصمٍ ، أتدري ما تحتَ قَدميکَ))   فقلتُ : يا مولاي ، إنّي أرى تحت قَدمي هذا البساط ، کرّم الله وجه صاحبه . فقال لي : (( يابنَ عاصمٍ ، اعلمْ أنَّکَ على بساطٍ جلسَ عليهِ کثيرٌ من النَّبيِّينَ والمُرسَلينَ )) . فقلتُ : يا سيّدي ، ليتني کنتُ لا اُفارقک ما دمتُ في دار الدُّنيا .
ثم قلتُ في نفسي : ليتني کنتُ أرى هذا البساط ، فعلِمَ الإمامُ (عليه السّلام) ما في ضميري ، فقال : (( ادنُ منّي )) . فدنوتُ منه ، فمسحَ يده على وجهي فصرتُ بصيراً بإذن الله ، ثم قال : (( هذا قدمُ أبينا آدمَ ، وهذا أثرُ هابيل ، وهذا أثرُ شيث ، وهذا أثرُ إدريس ، وهذا أثرُ هود ، وهذا أثرُ صالح ، وهذا أثرُ لقمان ، وهذا أثرُ إبراهيم ، وهذا أثرُ لوط ، وهذا أثرُ شعيب ، وهذا أثرُ موسى ، وهذا أثرُ داود ، وهذا أثرُ سليمان ، وهذا أثرُ الخضر ، وهذا أثرُ دانيال ، وهذا أثرُ ذي القَرنين ، وهذا أثرُ عدنان ، وهذا أثرُ عبد المطلب ، وهذا أثرُ عبد الله ، وهذا أثرُ عبد مناف ، وهذا أثرُ جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وهذا أثرُ جدّي عليِّ بن أبي طالب (عليه السّلام) )) .
قال عليّ بن عاصم : فأهويتُ على الأقدام فقبّلتها ، وقبّلتُ يد الإمام (عليه السّلام) وقلتُ له : إنّي عاجز عن نصرتکم بيدي ، وليس أملک غير موالاتکم والبراءة من أعدائکم واللعن لهم في خلواتي ، فکيف حالي ياسيّدي ؟ فقال (عليه السّلام) : (( حدَّثني أبي عن جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : مَن ضعفَ على(6) نُصرتِنا أهلَ البيتِ ، ولعنَ في خلواتِهِ أعداءَنا ، بلَّغَ الله صوتَهُ إلى جميعِ الملائکةِ ، فکُلَّما لعنَ أحدُکُمْ أعداءَنا صاعدتهُ الملائکةُ ولعنوا مَن لا يلعنُهُمْ ، فإذا بلغ صوتُهُ إلى الملائکةِ استغفروا له وأثنَوا عليه ، وقالوا : اللّهمَّ صلِّ على روحِ عبدِکَ هذا الذي بذل في نُصرةِ أوليائِهِ جُهدَهُ ، ولو قدرَ على أکثرِ مِنْ ذلک لفعل . فإذا النِّداءُ مِنْ قِبلِ الله تعالى يقول : يا ملائکَتي ، إنّي قدْ أحببتُ دعاءَکُمْ في عبدِي هذا ، وسمعتُ نداءَکُمْ وصلّيتُ على روحه مع أرواحِ الأبرارِ ، وجعلتُهُ من المُصطَفين الأخيار ))(6) .
ومعاجزه (عليه السّلام) کثيرة ، وما ذکرناه ما هو إلاّ غيض من فيض ؛ فقد روى أبو هاشم الجعفري (رحمه الله) أنّه قال : ما دخلتُ على أبي الحسن وأبي محمّد (عليهما السّلام) يوماً قط إلاّ رأيتُ منهما دلالةً وبرهاناً(7) .
وبما أنّنا ذکرنا عدَّة معاجز عن أبي هاشم هذا (رحمه الله) فلا بأس بذکر شيءٍ عن حياته ، والإشارة إلى بعض الجوانب المهمّة فيها .
أبو هاشم الجعفري : هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنهم) ، ثقة جليل الشأن عظيم القدر کبير المنزلة عند الأئمّة (عليهم السّلام) ، أدرک الإمام الرِّضا وأبناءه المعصومين من بعده حتى الإمام الحجّة (عليهم الصلاة والسّلام) ويروي عنهم جميعاً . کان من المُقرَّبين من الإمامين الهادي والعسکري (عليهما السّلام) حتى لَيروى أنّه سُجن في بعض الأيّام مع الإمام الحسن العسکري (عليه السّلام) في قصةٍ لا يسعها المقام . توفِّي سنة ( 261 هـ ) .
 3 ـ شهادته (عليه السّلام) : قُبض أبو محمّد الحسن العسکري (عليه السّلام) بسُرّ مَن رأى يوم الجُمُعة ثامن شهر ربيع الأوّل سنة ستّين ومئتين ، في خلافة المعتمد ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة ، ودُفن في داره في البيت الذي دُفن فيه أبوه (عليهما السّلام) بسُرّ مَن رأى(8) .
قال ابن بابويه وغيره : إنّ المُعتمد سمَّ الإمام (عليه السّلام) . ورُوي في کتاب عيون المعجزات عن أحمد بن إسحاق أنّه قال : دخلتُ على أبي محمّد (عليه السّلام) فقال لي : (( يا أحمد ، ما کان حالُکُمْ فيما کان النَّاسُ فيهِ من الشکِّ والارتياب ؟ )) . قلتُ : لمّا ورد الکتاب بخبر مولد سيِّدنا (عليه السّلام) لم يبقَ مِنّا رجلٌ ولا امرأةٌ ولا غلامٌ بلغ الفهم إلاّ قال الحقّ . قال (عليه السّلام) : (( أمَا علمتَ أنَّ الأرضَ لا تخلُو مِنْ حُجّةٍ لله تعالى ؟! )) .
ثم أمر أبو محمّد (عليه السّلام) والدته بالحجِّ في سنة تسع وخمسين ومئتين ، وعرَّفها ما ينالُه في سنة ستّين ، ثم سلّم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إلى القائم (عليه السّلام) ، وخرجت اُمُّ أبي محمّد إلى مکّة وقُبض (عليه السّلام) في شهر ربيع الآخر سنة ستين ومئتين ، ودُفن بسُرَّ مَن رأى إلى جانب أبيه صلوات الله عليهما(9) .
وقال الشيخ الأجلّ علي بن عيسى الأربلي في کتاب کشف الغُمّة ، الذي اُلّف سنة ( 677 هـ ) : إنّه حکى لي بعضُ الأصحاب أنّ الخليفة المستنصر مشى مرّة إلى سُرَّ مَن رأى وزار العسکريَّين (عليهما السّلام) ، وخرج فزار التربة التي دُفن بها الخلفاء من آبائه وأهل بيته ، وهم في قُبّة خربة يصيبها المطر وعليها ذرق الطيور ـ وأنا رأيتُها على هذه الحال ـ . فقيل له : أنتم خلفاء الأرض وملوک الدُّنيا ، ولکم الأمر في العالم ، وهذه قبور آبائکم بهذه الحال لا يزورها زائرٌ ، ولا يخطر بها خاطر ، وليس فيها أحدٌ يُميط عنها الأذى ، وقبورُ هؤلاء العلويِّين کما ترونها بالسّتور والقناديل ، والفرش والزلالي والرّاشين ، والشمع والبخور وغير ذلک ؟!
فقال : هذا أمرٌ سماوي لا يحصل باجتهادنا ، ولو حملنا النَّاسَ على ذلک ما قبلوه ولا فعلوه . وصدقَ فإنّ الاعتقاداتِ لا تحصل بالقهر ، ولا يتمکَّن أحدٌ من الإکراه عليها(10) .
قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )(11) .


(1) بحار الأنوار 50 / 237 .
(2) مناقب آل أبي طالب 3 / 536 .
(3) الإرشاد 2 / 330 .
(4) بحار الأنوار 50 / 304 .
(5) هکذا في الأصل ، والأظهر ( عن ) .
(6) بحار الأنوار 50 / 317 .
(7) بحار الأنوار 50 / 354 .
(8) کشف الغُمّة 2 / 920 .
(9) عيون المعجزات / 127 .
(10) کشف الغُمّة 3 / 325 .
(11) سورة مريم / آية 96 .

 


انتهای پیام