إنه لما وجب کون الإمام معصوما علمنا أن غيبته طاعة وإلا لکان عاصيا بغيابه، ولم يجب علينا ذکر السبب ، غير أننا نقول : لا يجوز أن يکون ذلک السبب من الله تعالى لکونه مناقضا لغرض التکليف ، ولا من الإمام نفسه لکونه معصوما ، فوجب أن يکون من الأمة ، وهو الخوف الغالب وعدم التمکين ولا إثم في ذلک, وما يستلزمه من تعطيل الحدود والأحکام عليهم ، والظهور واجب عند عدم سبب الغيبة . فلا يقال : فهلا ظهر لأعدائه وإن أدى ذلک إلى قتله کما فعل ذلک کثير من الأنبياء عليهم السلام. لکن لم لا يجوز أن يکون معدوما إلى حين إمکان انبساط يده ثم يوجده الله تعالى.
وانا نجيب عن الأول : بأنه لما ثبت کونه معصوما علمنا أن تکليفه ليس هو الظهور لأعدائه وإلا لظهر .
وعن الثاني : إنا نجوز أن يظهر لأوليائه ولا نقطع بعدم ذلک ، على أن اللطف حاصل لهم في غيبته أيضا ، إذ لا يأمن أحدهم إذا هم بفعل المعصية أن يظهر الإمام عليه فيوقع به الحد ، وهذا القدر کاف في باب اللطف .
وعن الثالث : إن الفرق بين عدمه وغيبته ظاهر ، لوجود اللطف في غيبته دون عدمه.
وأما طول عمره عليه السلام فغاية الخصم فيه الاستبعاد ، وهو مدفوع بوجوه :
إن من نظر في أخبار المعمرين وسيرهم علم أن مقدار عمره عليه السلام وأزيد وهو معتاد ، فإنه نقل عن لقمان أنه عاش سبعة آلاف سنة وهو صاحب النسور ، وروي أن عمرو الدوسي عاش أربعمائة سنة ، وکذلک غيرهما من المعمرين .
قال تعالى إخبارا عن نوح عليه السلام (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا). کذلک الاتفاق بيننا وبين الخصم على حياة الخضر وإلياس عليهم السلام من الأنبياء, والسامري والدجال من الأشقياء ، وإذا جاز ذلک في الطرفين فلم لا يجوز مثله في الواسطة - أعني طبقة الأولياء. وبالله التوفيق والعصمة، وبه الحول والقوة، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ ابن ميثم البحراني/ صاحب کتاب قواعد المرام في علم الکلام
|