۱۳۹۱/۶/۱۱   1:52  بازدید:820     الاخبار


کلمة سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي في مراسم افتتاح المؤتمر السادس عشر لدول عدم الانحياز

 





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على الرسول الأعظم الأمين، و على آله الطاهرين، و صحبه المنتجبين، و على جميع الأنبياء و المرسلين.
نرحب بکم أيها الضيوف الأعزاء الرؤساء و الوفود الممثلة لبلدان حرکة عدم الانحياز، و سائر المشارکين في هذا المؤتمر الدولي الکبير.
لقد اجتمعنا هنا لنواصل بعون الله و هدايته، و حسب مقتضيات العالم الراهن و احتياجاته، المسيرة و التيار الذي تأسّس قبل ستة عقود بفضل وعي و شجاعة عدد من القادة السياسيين المخلصين ذوي الشعور بالمسؤولية و تشخيصهم للظروف، بل و نبثّ فيه روحاً و حرکة جديدتين.
لقد اجتمع ضيوفنا هنا من مناطق بعيدة و قريبة جغرافياً، و هم ينتمون لشعوب و أعراق متنوعة و ذات ميول عقيدية و ثقافية و تاريخية و تراثية شتى، و لکن کما قال «أحمد سوکارنو» أحد مؤسسي هذه الحرکة في مؤتمر باندونغ المعروف سنة 1955 م فإن أساس تشکيل عدم الانحياز ليس الوحدة الجغرافية و لا العرقية و لا الدينية، بل وحدة الحاجة. في ذلک اليوم کانت البلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز بحاجة إلى أواصر تستطيع أن تحميها من هيمنة الشبکات المقتدرة و المستکبرة و الجشعة. و اليوم فإن هذه الحاجة لا تزال قائمة مع تطوّر أدوات الهيمنة و اتساعها.
و أريد أن أثير حقيقة أخرى..
لقد علّمنا الإسلام أن للبشر رغم تنوّعهم العرقي و اللغوي و الثقافي فطرة واحدة تدعوهم للطهر و العدالة و الإحسان و التعاطف و التعاون، و هذه الطبيعة المشترکة هي التي إن افلتت بسلام من الدوافع المُضلّلة فستهدي البشر إلى التوحيد و معرفة ذات الله تعالى.
إن هذه الحقيقة الساطعة لها القدرة على أن تکون رصيداً و سنداً لتأسيس مجتمعات حرّة شامخة تتمتّع بالتقدّم و العدالة إلى جانب بعضهما، و تنشر إشعاعات الروح المعنوية على کل الأنشطة المادية و الدنيوية للبشر، و توفّر لهم جنّة دنيوية قبل الجنّة الأخروية الموعودة في الأديان الإلهية. و نفس هذه الحقيقة المشترکة العامة هي التي يمکنها أن تُرسي دعائم حالات من التعاون الأخوي بين شعوب لا شبه في ما بينها من حيث الشکل الظاهري و السوابق التاريخية و الإقليمية الجغرافية.
متى ما قام التعاون الدولي على مثل هذا الأساس فسوف تشيّد الدول العلاقات في ما بينها لا على رکائز الخوف و التهديد، أو الجشع و المصالح الأحادية الجانب، أو سمسرة الخونة و البائعين لأنفسهم، بل على أساس المصالح السليمة و المشترکة، و فوق ذلک المصالح الإنسانية، و يُريحوا بذلک ضمائرهم اليقظة و بالَ شعوبهم من الهموم.
هذا النظام المبدئي يقف على الضدّ من نظام الهيمنة الذي اطلقته القوى الغربية المتسلّطة في القرون الأخيرة، و روّجت له و کانت السبّاقة إليه، و تفعل ذلک في الوقت الحاضر الحکومة الأمريکية المعتدية المتعسّفة.
أيها الضيوف الأعزاء...
لا تزال المبادئ و الأهداف الأصلية لحرکة عدم الانحياز اليوم قائمة حيّة رغم مرور ستة عقود.. مبادئ مثل مکافحة الاستعمار، و الاستقلال السياسي و الاقتصادي و الثقافي، و عدم الالتزام لأقطاب القوة في العالم، و رفع مستوى التضامن و التعاون بين البلدن الأعضاء. و الواقع في العالم اليوم ليس بالقريب من هذه المبادئ و الأهداف، لکن الإرادة الجمعية و المساعي الشاملة لتجاوز هذا الواقع و الوصول إلى المبادئ و الأهداف تبعث على الأمل و النتائج الإيجابية رغم ما يحفّها من التحديات.
لقد شهدنا في الماضي القريب انهيار سياسات فترة الحرب الباردة، و ما تلا ذلک من الأحادية القطبية. و العالم باستلهامه العبر من هذه التجربة التاريخية يمرّ بفترة انتقالية إلى نظام دولي جديد، و بمقدور حرکة عدم الانحياز و يجب عليها أن تمارس دوراً جديداً. ينبغي أن يقوم هذا النظام على أساس المشارکة العامة و المساواة في الحقوق بين الشعوب، و تضامننا نحن البلدان الأعضاء في هذه الحرکة من الضروريات البارزة في الوقت الراهن لأجل انبثاق هذا النظام الجديد.
لحسن الحظ فإن أفق التطورات العالمية يبشّر بنظام متعد[د الوجوه تترک فيه أقطاب القوة التقليدية مکانها لمجموعة من البلدان و الثقافات و الحضارات المتنوعة ذات المنابت الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية المختلفة. الأحداث المذهلة التي شهدناها طوال العقود الثلاثة الأخيرة تشير بوضوح إلى أن انبثاق القوى الجديدة کان مصحوباً بضعف القوى القديمة. و هذا التغيّر التدريجي في القوة يمنح بلدان عدم الانحياز الفرصة لتتولى دوراً مؤثراً و مناسباً في الساحة العالمية، و توفّر الأرضية لإدارة عادلة و مشترکة حقاً للعالم. لقد استطعنا نحن البلدان الأعضاء في هذه الحرکة الحفاظ على تضامننا و أواصرنا في إطار المبادئ و الأهداف المشترکة لفترة طويلة من الزمن على الرغم من تنوّع الميول و التصوّرات، و هذا ليس بالمکسب الصغير أو البسيط. هذه الأواصر بوسعها أن تکون الرصيد للانتقال إلى نظام إنساني عادل.
الظروف الراهنة في العالم فرصة قد لا تتکرّر لحرکة عدم الانحياز. ما نقوله هو أن غرفة عمليات العالم يجب أن لا تُدار بدکتاتورية عدة بلدان غربية. ينبغي التمکّن من تشکيل و تأمين مشارکة ديمقراطية عالمية على صعيد الإدارة الدولية. هذه هي حاجة کل البلدان التي تضرّرت و تتضرّر بشکل مباشر و غير مباشر من تطاول عدة بلدان تسلطية متعسّفة.
مجلس الأمن الدولي ذو بنية و آليات غير منطقة و غير عادلة و غير ديمقراطية بالمرّة. هذه دکتاتورية علنية و وضع قديم منسوخ انقضى تاريخ استهلاکه. و قد استغلت أمريکا و أعوانها هذه الآليات المغلوطة فاستطاعت فرض تعسّفها على العالم بلبوس المفاهيم النبيلة. إنهم يقولون «حقوق الإنسان» و يقصدون المصالح الغربية، و يقولون «الديمقراطية» و يضعون محلّها التدخل العسکري في البلدان، و يقولون «محاربة الإرهاب» و يستهدفون بقنابلهم و أسلحتهم الناس العزّل في القرى و المدن. البشر من وجهة نظرهم ينقسمون إلى مواطنين من الدرجة الأولى و الثانية و الثالثة. أرواح البشر في آسيا و أفريقيا و أمريکا اللاتينية رخيصة، و في أمريکا و غرب أوربا غالية. و الأمن الأمريکي و الأوربي مهم، و أمن باقي البشر لا أهمية له. و التعذيب و الاغتيالات إذا جاءت على يد الأمريکان و الصهاينة و عملائهم فهي جائزة و ممکن غضّ الطرف عنها تماماً. و لا تؤلم ضمائرهم سجونهم السريّة التي تشهد في مناطق متعددة من العالم في شتى القارات أقبحَ و أبشعَ السلوکيات مع السجناء العزّل الذين لا محام لهم و لا محاکمات. الحسن و السيئ أمور انتقائیة تماماً و ذات تعاريف أحادية الجانب. يفرضون مصالحهم على الشعوب باسم القوانين الدولية، و کلامَهم التعسّفي غير القانوني باسم المجتمع العالمي، و يستخدمون شبکاتهم الإعلامية الاحتکارية المنظمة ليظهروا أکاذيبهم حقيقة، و باطلهم حقاً، و ظلمهم عدالة، و في المقابل يسمّون أي کلام حق يفضح مخادعاتهم کذباً، و أية مطاليب حقة تمرداً.
أيها الأصدقاء.. هذا الواقع المعيب البالغ الأضرار مما لا يمکن مواصلته. الکلّ تعبوا من هذه الهندسة الدولية الخاطئة. نهضة التسعة و التسعين بالمائة في أمريکا المناهضة لمراکز الثروة و القوة في ذلک البلد، و الاعتراضات العامة في بلدان أوربا الغربية على السياسات الاقتصادية لحکوماتهم تدلّ على نفاد صبر الشعوب من هذا الوضع. يجب معالجة هذا الوضع غير المعقول.
الأواصر المتينة و المنطقية و الشاملة للبلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز يمکنها أن تترک تأثيرات عميقة في العثور على طريق العلاج و السير فيه.
أيها الحضور المحترمون..
السلام و الأمن الدوليان من القضايا المُحرجة في عالمنا اليوم، و نزع أسلحة الدمار الشامل المُفجعة ضرورة فورية و مطلب عام. الأمن في عالم اليوم ظاهرة مشترکة لا يمکن التمييز فيها. الذين يخزنون الأسلحة اللاإنسانية في ترساناتهم لا يحقّ لهم أن يعتبروا أنفسهم حملة رايات الأمن العالمي. فهذا لن يستطيع بلا شک توفير الأمن حتى لهم. يُلاحظ اليوم للأسف الشديد أن البلدان المالکة لأکثر مقدار من الأسلحة النووية لا تحمل إرادة جادّة و حقيقية لإلغاء هذه الأدوات الإبادية من مبادئها العسکرية، و لا تزال تعتبرها عاملاً لصدّ التهديدات و مؤشراً مهماً في تعريف مکانتها السياسية و الدولية. و هذه رؤية مرفوضة تماماً.
السلاح النووي لا يضمن الأمن و لا يحقق تکريس السلطة السياسية، إنما هو تهديد لکلا هذين الأمرين. لقد أثبتت أحداث عقد التسعينات من القرن العشرين أن امتلاک هذه الأسلحة لا يمکنه صيانة نظام مثل النظام السوفيتي السابق. و اليوم أيضاً نعرف بلداناً تمتلک القنبلة الذرية و تتعرّض لأعنف العواصف الأمنیة.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر استخدام الأسلحة النووية و الکيمياوية و أمثالها ذنباً کبيراً لا يغتفر. لقد اطلقنا شعار «شرق أوسط خال من السلاح النووي» و نلتزم بهذا الشعار. و هذا لا يعني غضّ الطرف عن حق الاستفادة السلمية من الطاقة النووية و إنتاج الوقود النووي. الاستخدام السلمي لهذه الطاقة حقّ لکل البلدان حسب القوانين الدولية. يجب أن يستطيع الجميع استخدام هذه الطاقة السليمة في شتى مجالات الحياة لبلدانهم و شعوبهم، و لا يکونوا تابعين للآخرين في تمتّعهم بهذا الحق. لکن بعض البلدان الغربية التي تمتلک هي السلاح النووي و ترتکب هذا العمل غير القانوني ترغب في أن تحتکر القدرة على إنتاج الوقود النووي. ثمة تحرّک غامض مُريب راح يتکوّن لتکريس و استمرار احتکار إنتاج و بيع الوقود النووي داخل مراکز تُسمّى دولية، لکنها في الواقع في قبضة بضعة بلدان غربية.
و السخرية المرّة في عصرنا هي أن الحکومة الأمريکية التي تمتلک أکبر مقدار من الأسلحة النووية و غيرها من أسلحة الدمار الشامل و أکثرها فتکاً، و هي الوحيدة التي ارتکبت جريمة استخدام هذه الأسلحة، تريد اليوم أن تکون حاملة راية معارضة الانتشار النووي! هم و شرکاؤهم الغربيون زوّدوا الکيان الصهيوني الغاصب بالأسلحة النووية و خلقوا تهديداً کبيراً لهذه المنطقة الحسّاسة، لکن نفس هذه الجماعة المخادعة لا تطيق الاستخدام السلمي للطاقة النووية من قبل البلدان المستقلة، بل و يعارضون بکل قدراتهم إنتاج الوقود النووي لغرض الأدوية و سائر الاستهلاکات السلمية الإنسانية، و ذريعتهم الکاذبة الخوف من إنتاج سلاح نووي. و بخصوص الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهم أنفسهم يعلمون أنهم يکذبون، لکن الممارسات السياسية حينما لا يکون فيها أدنى أثر للمعنوية، تُجيز الکذب أیضاً. و الذي لا يستحي في القرن الحادي و العشرين من إطلاق لسانه بالتهديدات النووية هل تراه يتحاشى و يستحي من الکذب؟!
إنني أؤکد أن الجمهورية الإسلامية لا تسعى أبداً للتسلح النووي، کما لن تغضّ الطرف أبداً عن حق شعبها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. شعارنا هو «الطاقة النووية للجميع، و السلاح النووي ممنوع على الجميع». و سوف نصرّ على هذين القولين، و نعلم أن کسر احتکار عدة بلدان غربية لإنتاج الطاقة النووية في إطار معاهدة حظر الانتشار هو لصالح کل البلدان المستقلة بما في ذلک البلدان الأعضاء في حرکة عدم الانحياز.
تجربة ثلاثة عقود من الصمود الناجح حيال التعسّفات و الضغوط الشاملة لأمريکا و حلفائها أوصلت الجمهورية الإسلامية إلى قناعة حاسمة فحواها أن مقاومة شعب متّحد و ذي عزيمة راسخة بوسعها التغلب على کل الهجمات المخاصمة المعاندة، و فتح طريق الفخر نحو الأهداف العليا. التقدم الشامل لبلادنا في غضون العقدين الأخيرين حقيقة تنتصب أمام أعين الجميع، و قد اعترف بها المراقبون الرسميون الدوليون مراراً، و قد حصل کل هذا في ظروف الحظر و الضغوط الاقتصادية و الهجمات الإعلامية للشبکات التابعة لأمريکا و الصهيونية. حالات الحظر التي سمّاها الهاذرون باعثة على الشلل لم تبعث على شللنا و لن تبعث عليه، و ليس هذا و حسب بل و رسّخت خُطانا، و علّت من هممنا، و عمّقت ثقتنا بصحة تحليلاتنا و بالقدرات الداخلية لشعبنا. لقد رأينا بأعيننا مرّات و مرّات معونة الله على هذه التحدّيات.
أيها الضيوف الأعزاء...
أرى من الضروري هنا التطرّق إلى قضية جد مهمة. و مع أنها قضية تتعلق بمنطقتنا لکن أبعادها الواسعة تجاوزت هذه المنطقة و ترکت تأثيراتها على السياسات العالمية طوال عدة عقود، ألا و هي قضية فلسطين المؤلمة. خلاصة هذه القضية هي أن بلداً مستقلاً ذا هوية تاريخية واضحة اسمه فلسطين اغتصب من شعبه في إطار مؤامرة غربية مُرعبة بزعامة بريطانيا في عقد الأربعينيات من القرن العشرين، و مُنِح بقوة السلاح و المذابح و المخادعات لجماعةٍ هُجّر معظمهم من البلدان الأوربية. هذا الاغتصاب الکبير الذي رافقته في بداياته عمليات تقتيل جماعية للناس العزّل في المدن و القرى، و تهجيرهم من بيوتهم و ديارهم إلى البلدان المجاورة، تواصل طوال أکثر من ستة عقود على نفس الوتيرة من الجرائم، و لا يزال مستمراً اليوم أيضاً. هذه إحدى أهم قضايا المجتمع الإنساني. و لم يتورّع الزعماء السياسيون و العسکريون للکيان الصهيوني الغاصب طوال هذه الفترة عن ارتکاب أية جريمة بدءاً من تقتيل الناس و هدم بيوتهم و تدمير مزارعهم، و اعتقال و تعذيب رجالهم و نسائهم و حتى أطفالهم، إلى الإهانات و الإذلال الذي مارسوه ضد کرامة هذا الشعب، و السعي لسحقه و هضمه في معدة الکيان الصهيوني المولعة بالحرام، و إلى الهجوم على مخيّماتهم التي تضمّ ملايين المشرّدين في فلسطين نفسها و البلدان المجاورة. أسماء مثل «صبرا» و «شاتيلا» و «قانا» و «دير ياسين» مسجّلة في تاريخ منطقتنا بدماء الشعب الفلسطيني المظلوم. و الآن أيضاً، و بعد مرور خمسة و ستين عاماً، تتواصل نفس هذه الجرائم في سلوکيات الذئاب الصهيونية الضارية بالبقاء في الأراضي المحتلة. إنهم يرتکبون الجرائم الجديدة تباعاً و يخلقون أزمات جديدة للمنطقة. قلّ ما يمرّ يوم لا تبث فيه أنباء عن قتل و إصابة و سجن الشباب الناهضين للدفاع عن وطنهم و کرامتهم و المعترضين على تدمير مزارعهم و بيوتهم. الکيان الصهيوني الذي أطلق الحروب الکارثية، و قتل الناس، و احتلّ الأراضي العربية، و نظّم إرهاب الدولة في المنطقة و العالم، و راح يُمارس الإرهاب و الاغتيالات و الحروب و الشرور لعشرات الأعوام، يُسمّي أبناء الشعب الفلسطيني الثائر المناضل من أجل إحقاق حقوقه إرهابيين، و الشبکات الإعلامية التابعة للصهيونية و الکثير من وسائل الإعلام الغربية و المرتزقة تکرّر هذه الکذبة الکبرى ساحقة بذلک التزامها الأخلاقي و الإعلامي. و الزعماء السياسيون المتشدّقون بحقوق الإنسان يغضّون الأنظار عن کل هذه الجرائم، و يدعمون دون خوف أو خجل ذلک الکيان الصانع للکوارث، و يظهرون في هيئة المحامي المدافع عنه.
ما نقوله هو أن فلسطين للفلسطينيين، و الاستمرار في احتلالها ظلم کبير لا يطاق، و خطر أساسي على السلام و الأمن العالميين. کل السبل التي اقترحها و سار فيها الغربيون و أتباعهم لـ «حلّ القضية الفلسطينية» خاطئة و غير ناجحة، و کذلک سيکون الأمر في المستقبل أيضاً. و قد اقترحنا سبيل حلّ عادل و ديمقراطي تماماً. يشارک کل الفلسطينيين، من مسلمين و مسيحيين و يهود، سواء الذين يسکنون حالياً في فلسطين أو الذين شرّدوا إلى بلدان أخرى و احتفظوا بهويتهم الفلسطينية، يشارکون في استفتاء عام بإشراف دقيق و موثوق، فينتخبون البنية السياسية لهذا البلد، و يعود کل الفلسطينيين الذين تحمّلوا لسنوات طويلة آلام التشرّد إلى بلدهم فيشارکوا في هذا الاستفتاء، ثم تدوين الدستور و الانتخابات. و عندها سيعمّ السلام.
و أودّ هنا أن أقدّم نصيحة خيّرة للساسة الأمريکان الذين ظهروا دوماً کمدافعين عن الکيان الصهيوني و داعمين له. لقد سبّب لکم هذا الکيان لحد الآن الکثير من المتاعب، و جعلکم وجهاً کريهاً بين شعوب المنطقة، و شريکاً لجرائم الصهاينة الغاصبين في أعين هذه الشعوب. و التکاليف المادية و المعنوية التي فرضت على الحکومة و الشعب في أمريکا طوال هذه الأعوام المتمادية تکاليف باهضة، و إذا استمر هذا النهج في المستقبل فمن المحتمل أن تکون التکاليف التي تتحمّلونها أکبر. فتعالوا و فکّروا في اقتراح الجمهورية الإسلامية بشأن الاستفتاء، و اتخذوا قراراً شجاعاً تنقذون به أنفسکم من هذه العقدة المستعصية. و لا شک أن شعوب المنطقة و کل الأحرار في العالم سيرحّبون بهذه الخطوة.
أيها الضيوف المحترمون...
أعود إلى کلامي الأول فأقول إن ظروف العالم حسّاسة، و العالم يمرّ بمنعطف تاريخي جد مهم. و من المتوقع أن يکون ثمة نظام جديد في طريقه إلى الولادة و الظهور. و مجموعة بلدان عدم الانحياز تضمّ نحو ثلثي أعضاء المجتمع العالمي، و بوسعها ممارسة دور کبير في صياغة المستقبل و رسمه. و تشکيل هذا المؤتمر الکبير في طهران له بدوره معنى عميق ينبغي أن يُؤخذ بنظر الاعتبار في الحسابات. نحن أعضاء هذه الحرکة نستطيع عبر تظافر إمکانياتنا و طاقاتنا الواسعة ممارسة دور تاريخي باق من أجل إنقاذ العالم من الحروب و الهيمنة و انعدام الأمن.
و هذا الهدف لا يتحقق إلا بالتعاون الشامل في ما بيننا. ليست قليلة بيننا البلدان الثرية جداً و البلدان ذات نفوذ دولي. و معالجة المشکلات بالتعاون الاقتصادي و الإعلامي و تبادل التجارب التقدمية أمور متاحة تماماً. يجب أن نرسّخ عزيمتنا و نکون أوفياء للأهداف، و لا نخشى سخط القوى العاتية، و لا نفرح و نطمئن لابتساماتها، و يجب أن نعتبر الإرادة الإلهية و قوانين الخلقة دعامة لنا، و ننظر بعين العِبرة لانهيار تجربة المعسکر الشيوعي قبل عقدين، و انهيار سياسات ما يسمّى بالليبرالية الديمقراطية الغربية في الوقت الحاضر، و الذي يرى الجميع مؤشراته في شوارع البلدان الغربية و الأمريکية و العقد المستعصية في اقتصاد هذه البلدان. و بالتالي لنعتبر سقوط المستبدين التابعين لأمريکا و المتعاونين مع الکيان الصهيوني في شمال أفريقيا، و الصحوة الإسلامية في بلدان المنطقة، لنعتبرها فرصة کبيرة. بإمکاننا أن نفکّر برفع مستوى الفائدة السياسية لحرکة عدم الانحياز في إدارة العالم، و بمقدورنا إعداد وثيقة تاريخية لإيجاد تحوّل في هذه الإدارة، و توفير الأدوات التنفيذية لها.. بوسعنا التخطيط لحالات تعاون اقتصادي، و إيضاح نماذج التواصل الثقافي بيننا. و لا ريب أن تأسيس أمانة عامة ناشطة و متحفزة لهذه المنظومة ستستطيع المساعدة على تحقيق هذه الأهداف بصورة کبيرة و مؤثرة.
و شکراً.